بقلم: مصطفى الآغا
بعيداً عن أي عاطفة أو مجاملة، فما شاهدناه خلال حديث صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة مع وزير الصحة معالي عبدالرحمن العويس يمكن اعتباره درساً في القيادة، وفي التواضع والأخلاق، وفي إعطاء كل ذي حق حقه، وإنكار الذات والمتابعة والتقدير.
حوار تشعر أنه نابع من القلب، ويصل فوراً إلى القلوب، فوزير الصحة يقول الحقيقة وهي أن صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان يعمل ليل نهار، وأكثر من الآخرين، ويبذل الجهد الكبير، ويتابع كل صغيرة وكبيرة وشاردة وواردة خلال جائحة كورونا، والكثيرون قد لايعرفون هذه المعلومة، ولكن «بوخالد» يختلف معه في الرأي بعبارة «لو تسمح لي أن أخالفك الرأي»، فخلال هذه الأزمة «إنتو صعب حد يتحداكم وعلى راسي ياسعادة الوزير والعين ما تعلى عن الحاجب، فأنتم اليوم قدركم ومكانتكم وموقفكم ومجهودكم وتفانيكم في هذا العمل، وهذه الحرب اللي دايرينها على راسنا».
أهمية الكلام أنه لم يكن ضمن غرف مغلقة واجتماعات رسمية، أو يتم تسجيله على محاضر جلسات حكومية لا يقرأها أحد، أو لا يطلع عليها أحد، أو تظهر كخبر في نشرة الأخبار، بل هو حديث عبر السوشال ميديا، حيث جلس صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان بين أهله، وتحدث مع المسؤولين، وكأنهم أيضاً جزء من العائلة وربما هذا ما ميّز الإمارات خلال هذه الأوقات العصيبة، وهي تعامل الدولة مع الجميع بالمسافة والاهتمام نفسيهما، فالفحص والعلاج مجاني للمواطن والمقيم وحتى الزائر الذي علق هنا، ولم يتمكن من العودة إلى بلاده، ثم جاءت مكرمة الحكومة بمنح الإقامات الذهبية للعاملين في خط الدفاع الأول في الجهاز الطبي، وللأمانة فقد اتصل بي أكثر من دكتور، والفرحة تغمره بهذه المكرمة، فهو يقول إننا نقوم بواجبنا والقسم الذي أقسمناه يوم تخرجنا في كلية الطب، ولكن هذه البلد تكرمنا وتحترمنا وتعاملنا وكأننا جزء منها، وأتذكر هنا الطبيبة التي كانت تقود سيارتها في أحد شوارع دبي بعد الثانية فجراً، وأوقفها شرطي ليسألها لماذا خرقت حظر التجول فقالت له إنها طبيبة متمرنة وعائدة من عملها والتفتت إلى حقيبتها كي تحضر بطاقة العمل التي تؤكد أنها طبيبة مصرح لها بالخروج، وعندما استدارت لتعطيه البطاقة وجدته يقدم لها التحية العسكرية حتى قبل أن تقدم إثباتاتها، وكتبت على حسابها في السوشال ميديا، إن ماحدث لها في أحد شوارع دبي تعتبره أكبر تكريم نالته في حياتها.
وبالأمس، شاركت شخصياً في حملة جود 2020 التي أطلقها الشيخ عبدالعزيز بن حميد النعيمي، بالتعاون مع هيئة الأعمال الخيرية الدولية لجمع مئة مليون درهم من أجل مساعدة المحتاجين والمتعففين ليس في الإمارات وحدها، بل في كل أرجاء الدنيا لأن الخير ليس له حدود جغرافية، ولا جنسية معينة تذهب إليه، فالخير في بلاد الخير الإمارات هو أسلوب حياة ،وليس مناسبة تفرضها ظروف معينة أو جائحة أو أزمات.
هذه هي الإمارات بكل بساطة واختصار.