بقلم: مصطفى الآغا
بالتأكيد من حق كل واحد منا أن يشجع النادي أو المنتخب الذي يحب، ومن حقنا أن نمارس طقوس هذا الحب بالطريقة المناسبة للمجتمع وليس بالطريقة التي نقرر نحن أنها مناسبة؛ لأن أبسط قواعد الحرية هي المسؤولية، ومن أسس المسؤولية أن تحترم حريات الآخرين وخصوصياتهم ومشاعرهم وكرامتهم، وبالتالي عندما تعتدي على هذه الحريات (باسم الحرية الشخصية) تكون قد خالفت ما تنص عليه الأخلاق والأعراف غير المكتوبة، وقد تكون قد خالفت أيضًا القوانين المكتوبة لو تجاوزت بالإساءة إلى الحد الذي يتم فيه تجريمك ومحاسبتك، وهو ما فعلته دولة الإمارات العربية المتحدة مثلا عندما نصت قوانينها على أقسى العقوبات لمن يعتقد أن وسائل التواصل الاجتماعي هي (منافذ للحرية المنفلتة وغير المنضبطة)، ويستطيع أن يقول فيها ويفعل من خلالها ما يشاء.
من حقك أن تشجع هذا النادي أو ذاك، ولكن ليس من حقك أن تشتم مشجعي النادي الآخر، ولا من حقك أن تتصيد أخطاءهم الشخصية وتُشهّر بهم عبر وسائل الإعلام التقليدية إن كان لديك القدرة على ذلك أو وسائل التواصل الاجتماعي، وهي متاحة للجميع، وليس من حق أي شخص ينضوي تحت لواء الإعلام أن يسخّر هذه المهنة (النبيلة) لقضايا شخصية رخيصة، أو النيل من الآخرين الذين يختلف معهم في الرأي أو في الانتماء؛ فديدن الإعلام هو المهنية والحيادية، والحقيقة مجردة من دون بهارات أو شطة زائدة أو ناقصة.
وهنا قد يختلف معي البعض بأن الشماتة في فريق من البلد نفسه عندما يخسر خارجيًا، أو تمني خسارته أمام فريق عربي أو أجنبي، هي مسألة حرية رياضية لا علاقة لها بالوطنية، وأنا أقول إن أي ناد رياضي يمثل الدولة خارجيًا هو رمز من رموز الوطن، ولا يمكن أن نقبل أو نتقبل أن يتم تشجيع فريق صيني أو كوري أو إيراني أو هندي على فريق محلي وعلانية وعبر وسائل التواصل أو وسائل الإعلام فقط؛ لأننا لا نتمنى الخير لهذا النادي.
التعصب زاد على حده، وعلى الحكومات اتخاذ وضع قوانين صارمة وواضحة تبين الحاجز القانوني بين حريتك الشخصية في التشجيع، وبين اعتدائك على حريات الآخرين؛ فعندما تقول لحكم «يا مرتشي»؛ لأنه لم يحتسب ضربة جزاء لفريقك فأنت تهينه وتهين كرامته، والأهم تعتدي عليه قانونيًا لاتهامه بالرشوة من دون دليل دامغ، وهنا عليك أن تتحمل عواقب اتهامك وتبعاته أمام القانون، وليس أمام الشخص نفسه فقط.