بقلم: مصطفى الآغا
عبر التاريخ، قدمت الحركة الرياضية السعودية تجارب كثيرة، وبعضها نال اهتمام الجيران مثل الإمارات، وتحديداً الموسم الماضي، بعد تقديم فكرة الثمانية محترفين، حين تحولت كل مباريات الأندية إلى فرجة ممتعة وإثارة متناهية، وتلاشت الفوارق بين «الكبار والصغار»، لأنه لم يعد هناك صغار من الأساس، فهم من قرروا هوية بطل الدوري، بعد الفوز على الكبار التقليديين، أو عرقلة مسيرة بعضهم.
التجربة السعودية لم تتوقف عند موضوع المحترفين، بل تعدته إلى دفع الديون، وإحضار المدربين، وتقديم السيارات للجماهير في كل مباريات الدوري من دون استثناء، وهو ما توقعناه أن يكون لموسم واحد، ولكن القيادة السعودية قررت زيادة الدعم وتطوير التجربة، بتقديم مليارين ونصف المليار من الريالات لكل أندية المملكة، مقسمة على عدة بنود، بعضها من دون شروط، وبعضها الآخر مشروطة بالاهتمام بالجماهير وببقية الألعاب وبالحوكمة والهياكل الإدارية والتنظيمية والرقابة المالية.
شخصياً أنا مع الخصخصة، ومع أن يتم فك الارتباط بين خزينة الدولة والرياضة، لأن الرياضة المفترض فيها أن تكون قطاعاً منتجاً ومربحاً، ولكن ما فعلته السعودية مؤخراً هو خطوة مهمة، وبادرة تستحق أن نتوقف عندها، وتحديداً مبلغ نصف المليار ريال، أو تحديداً 480 مليوناً، ستوزع على من يهتم ببقية الألعاب الشهيدة، والتي لا تلقى الاهتمام المطلوب، رغم أنها هي من تجلب الألقاب والميداليات الأولمبية، مثل ألعاب القوى والقوة والسباحة والمصارعة والملاكمة والرماية والفروسية، وغيرها من الألعاب التي اختفت من المشهد، أو لا تمارس أساساً في كثير من الأندية.
وتوقفت أيضاً عند مبلغ العشرين مليون ريال للأندية التي تحقق ستة معايير في الحوكمة والهياكل الإدارية والتنظيمية والرقابة المالية، وهو ما نفتقده في كثير من الأندية العربية، وللأمانة فنحن ما زلنا هواة، رغم كل ما ندعيه من احتراف، وأعتقد أننا لا نعرف من الاحتراف في إطاره الأوسع، سوى شراء اللاعبين والمدربين، وفي أفضل الأحوال وجود شركات كرة القدم والاستثمار، ولكن الإدارات بمجملها غير محترفة، وغير قادرة على التصرف كمحترفة، حتى لو أرادت، لأن القوانين الناظمة للرياضة بحاجة إلى تطور، ومواكبة العالم الذي يجري بدلاً من أن يمشي مثلنا.