القرارات التاريخية يتخذها رجال تاريخيون

القرارات التاريخية يتخذها رجال تاريخيون

القرارات التاريخية يتخذها رجال تاريخيون

 صوت الإمارات -

القرارات التاريخية يتخذها رجال تاريخيون

عوني الكعكي
بقلم : عوني الكعكي

قرار الرئيس سعدالدين الحريري بمساعدة الرئيس مصطفى أديب على إيجاد مخرج بتسمة وزير مالية مستقل من الطائفة الشيعية، يختاره الرئيس المكلف، شأنه شأن سائر الوزراء على قاعدة الكفاءة والنزاهة وعدم الإنتماء الحزبي، من دون أن يعني هذا القرار في أي حال من الأحوال إعترافاً بحصرية وزارة المالية بالطائفة الشيعية أو بأي طائفة من الطوائف، سيقابل حتماً بردود سلبية، ولن يلقى آذاناً صاغية، لأنّ القرار هو أصلاً ضد رأي عدد كبير من طائفته، ولأن الشحن الطائفي ترك مجالاً للمصطادين في المياه العكرة، للتحرك بحرية أكبر.
يذكرني هذا الموقف الذي اتخذه الرئيس سعدالدين الحريري بموقف الرئيس العربي الخالد جمال عبدالناصر من مبادرة روجرز وزير الخارجية الاميركي في عهد ريتشارد نيكسون، والتي تقضي بفرض وقف لإطلاق النار بعد حرب 1967، بين القوات المصرية والقوات الاسرائيلية وتحديداً في 9 كانون الاول من العام 1969. كان اتفاق وقف النار لمدة ثلاثة أشهر شرط تطبيق القرار 242 عبر مهمة يارينغ. عبدالناصر قبل المبادرة فقامت الدنيا عليه ولم تقعد خصوصاً الشعب الفلسطيني لأنّ القرار كان وطنياً بامتياز غير شعبوي ولا يدغدغ آمال العرب.
موقف الرئيس عبدالناصر يذكرني اليوم بمواقف ومحطات عدّة وقفها الرئيس سعدالدين الحريري، نائياً بنفسه عن الشعبوية، وتركت استياء عند الكثيرين الذين لا يَعُون مصلحة الوطن العليا، ومصلحة الشعب اللبناني كله.
أولى المحطات كانت الاتفاق الرباعي. فبعد اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري في 14 شباط 2005، وانقسام البلد بين قوى حليفة لسوريا، لترد عليها بعد اسبوع قوى سياسية أخرى منضوية في لقاء «البريستول».
كان الوطن على فوهة انفجار بعد خطاب مذهبي وفي أجواء ملبّدة... فولد «التحالف الرباعي» برعاية فرنسية - إيرانية وتأييد أميركي - سعودي - سوري.
التحالف الذي وُلد بالرغم من معارضة متشددين.. ضم الرئيس الحريري، و»حزب الله»، وحركة «أمل» ووليد جنبلاط رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي. وكان للرئيس سعدالدين الحريري الفضل الأكبر في تجنيب لبنان لحظة انفجار طائفي كان متوقعاً.
المحطة الثانية كانت «اتفاق الدوحة»، وهو الذي توصلت إليه القوى السياسية اللبنانية يوم الاربعاء 21 ايار (مايو) عام 2008 في الدوحة بقطر، إذ مثّل هذا الاتفاق نهاية 18 شهراً من الازمة السياسية في لبنان، والتي شهدت بعض فتراتها أحداثاً دامية... وقد رعى الاتفاق امير قطر (يومذاك) الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني. ومن أهم بنود هذا الاتفاق انتخاب قائد الجيش ميشال سليمان رئيساً للجمهورية، وإجراء انتخابات نيابية بحسب القضاء وتقسيم بيروت الى ثلاث دوائر إنتخابية.
وكان للرئيس سعدالدين الحريري الدور الأكبر في وضع هذا الاتفاق حرصاً على مصلحة لبنان واللبنانيين.
المحطة الثالثة حكومة الرئيس تمام سلام رقم 73 بتاريخ الحكومات في لبنان منذ الاستقلال والرابعة في عهد الرئيس ميشال سليمان في 15 شباط (فبراير) 2014، وذلك بعد أحد عشر شهراً تقريباً من تكليف الرئيس سلام.
كذلك كان الرئيس سعدالدين الحريري المسهّل الاول لتشكيل هذه الحكومة.
المحطة الرابعة: انتخاب ميشال عون رئيساً... فبعد ماراثون من المشاورات والمفاوضات المعلنة وغير المعلنة، أعلن الرئيس سعدالدين الحريري الخميس في 20 تشرين الاول (أكتوبر) عام 2016 تأييده تولي الجنرال ميشال عون منصب الرئاسة اللبنانية الشاغر منذ عامين ونصف العام بسبب الصراعات السياسية، رغم انه أيّد الدكتور جعجع، ومن ثم رئيس «المردة» سليمان فرنجية، لكنه وبعد «اتفاق معراب» عاد وأيّد عون.
قرار الرئيس الحريري لم يكن شعبوياً، وأفقده الكثيرين من مؤيديه ومن طائفته بالذات، لكنه قبل هذا الموقف من أجل لبنان... فلبنان أولاً هو شعاره الدائم.
المحطة الخامسة: قانون الانتخاب اللبناني رقم 44 تاريخ 17 حزيران (يونيو) 2017 حيث قسّم لبنان الى 15 دائرة إنتخابية.
هذا القانون الذي أيّده الرئيس سعد الحريري أغضب الكثيرين من طائفته أيضاً، والحريري كان يعلم ان عدد نوابه سيقلّ، لكنه قبل ذلك لمصلحة لبنان واللبنانيين.
المحطة السادسة كانت اقتراحه بتسمية شيعي مستقل من قبل الرئيس المكلف ليحل عقدة باتت تهدد الوطن والمواطنين على حد سواء.
نحن نتوقع ردوداً سلبية وأخرى ايجابية، وقد يُلام الرئيس الحريري على موقفه هذا، حتى من أقرب المقربين إليه... لكننا على يقين ان القرارات التاريخية لا يتخذها إلاّ قادة تاريخيون... وفي الليلة الظلماء يُفْتقد البدرُ.

قد يهمك أيضا:

الرئيس ميشال عون: «رايحين على جهنّم»

التهديدات الفارسية للسعودية ودول الخليج سخيفة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

القرارات التاريخية يتخذها رجال تاريخيون القرارات التاريخية يتخذها رجال تاريخيون



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 21:03 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

عشبة القمح تعزز جهاز المناعة وتساهم في منع السرطان
 صوت الإمارات - عشبة القمح تعزز جهاز المناعة وتساهم في منع السرطان

GMT 02:40 2025 الثلاثاء ,14 كانون الثاني / يناير

أخطاء شائعة تؤثر على دقة قياس ضغط الدم في المنزل

GMT 09:01 2020 الأربعاء ,01 تموز / يوليو

يبشرك هذا اليوم بأخبار مفرحة ومفيدة جداً

GMT 17:54 2017 الأربعاء ,11 تشرين الأول / أكتوبر

زيت النخيل مفيد لكن يظل زيت الزيتون هو خيارك الأول

GMT 04:49 2019 الثلاثاء ,12 شباط / فبراير

وحيد إسماعيل يعود لصفوف الوصل

GMT 19:51 2019 الأحد ,13 كانون الثاني / يناير

شركة "سامسونغ" تحدد موعد إطلاق أول هواتفها القابلة للطي

GMT 22:19 2018 الأحد ,02 كانون الأول / ديسمبر

تعرف إلى خطة مدرب الشارقة لمواجهة الوحدة

GMT 03:33 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

لقاء ودي بين محمد بن سلمان والرئيس الأمريكي

GMT 02:31 2018 الثلاثاء ,02 تشرين الأول / أكتوبر

كيف تحمى طفلك المريض بضمور العضلات من الإصابة بفشل التنفس ؟

GMT 03:01 2015 الأربعاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

معرض جدة الدولي للكتاب يسدل الستار على فعالياته الثلاثاء

GMT 11:49 2018 السبت ,07 تموز / يوليو

بلدية العين تنفذ حملات تفتيشية على 35 مقبرة

GMT 21:50 2014 الجمعة ,12 كانون الأول / ديسمبر

جينيف سماء ملبدة بغيوم الحنين والبهجة

GMT 22:54 2013 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

"سامسونغ" تُطلق ذراع تحكم بالألعاب لهواتف أندرويد

GMT 10:58 2013 الثلاثاء ,23 تموز / يوليو

"كلاكيت" رواية جديدة للكاتب محمد عبد الرازق
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates