انكشاف «المقاومة» في زمن الحاجة إلى المقاومة

انكشاف «المقاومة» في زمن الحاجة إلى المقاومة

انكشاف «المقاومة» في زمن الحاجة إلى المقاومة

 صوت الإمارات -

انكشاف «المقاومة» في زمن الحاجة إلى المقاومة

إياد أبو شقرا
بقلم - إياد أبو شقرا

خلال الأسبوع المنتهي، شهد لبنان ثلاث محطات لافتة «أبطالها» رئيس التشكيلة الوزارية الحالية، والأمين العام لـ«حزب الله»، وأحد نواب تيار رئيس الجمهورية.
في المحطة الأولى «بشّر» رئيس التشكيلة الوزارية الشعب اللبناني، بمناسبة إكمال التشكيلة 100 يوم من عمرها، بأنها حقّقت 97 في المائة ممّا التزمت بتحقيقه(!). وهذا، رغم التأزم السياسي، والإفلاس المالي والاقتصادي، وكابوس جائحة «كوفيد - 19»، وانهيار علاقات لبنان العربية وإخفاقه في تلبية شروط المانحين الدوليين لأي دعم مالي البلد في أمسّ الحاجة إليه. أما الأغرب من «البشارة» فهو أن رئيس التشكيلة نفسها كتب خلال ساعات في إحدى كبريات الصحف، محذراً من أن لبنان مهدّد بالجوع!
أما المحطة الثانية فكانت كلمة الأمين العام لـ«حزب الله» بمناسبة «يوم القدس»، وجاءت هذه الكلمة تكراراً لمواقف وشعارات سابقة، تثبت الأيام أن لا علاقة لها من قريب أو بعيد بتحرير القدس، أو التأهب لحرب من أجل فلسطين، أو حماية الاقتصاد اللبناني، أو إنقاذ سوريا، أو منع واشنطن - عبر تدمير سوريا - من العبث «بوحدة المسلمين». إذ غدا واضحاً منذ وقت ليس بالقصير أن «المقاومة» - أي النظام الإيراني - فقدت منذ مدة كثيراً من صدقيتها في لبنان، بل حتى في بيئة «حزب الله» نفسها، كما كشفت المظاهرات الشعبية في جنوب لبنان خلال انتفاضة الخريف الماضي. وطبعاً، كانت قد انكشفت حقيقتها، من قبل، على المستوى العربي الأوسع، بعد خوض «حزب الله» وغيره من ميليشيات «الحرس الثوري» الإيراني معركة تنفيذ مشروع طهران الدامي على أرض سوريا.
مع ذلك، واصل الأمين العام الكلام العالي عن «انتصارات» محوره الإيراني، مقابل «أزمات» إسرائيل و«مصاعب» الولايات المتحدة. بل تباهى بانهيار مشاريعهما، مع أنه تجاهل الغارات شبه اليومية على المواقع الإيرانية داخل سوريا، من دون أي رد، ومواصلة اليمين الإسرائيلي سياسات ضم الأراضي، من القدس إلى الجولان... أيضاً من دون رد.
أما عن الموضوع اللبناني، فبدا أن الحزب - عبر أمينه العام - مرتاحٌ لصنيعته السياسية التي أوكل إليها تسيير الأمور، ولا يبدو مكترثاً بمعاناة الناس من النهب المنظّم عبر تدمير المؤسسات، وتهجير الكفاءات، وانهيار سعر العملة المحلية، وتهريب الأموال والسلع عبر منافذ حدودية مُشرعة... ناهيك بتداعيات الجائحة القاتلة.
وهنا نصل إلى المحطة الثالثة، وهي مقابلة تلفزيونية لأحد نواب كتلة رئيس الجمهورية ميشال عون كسر خلالها «حرم» الكلام عن استحالة استمرار التعايش بين الجوع والسلاح. بكلام آخر، كسر النائب «العوني» - وهو من إحدى دوائر جنوب لبنان، وتضم قرى وبلدات شيعية - «المحظور»، وهو المسّ بما يعتبره «حزب الله» علّة وجوده والأداة الأساسية في بناء دولته.
أهمية كلام هذا النائب، الذي هو مجرّد واحد من 128 يضمّهم مجلس النواب اللبناني، لا ينبع من كونه شخصية مؤثرة وفاعلة في الحياة السياسية اللبنانية، بل من كونه معبّراً عن حالة شعبية - شعبوية بات حتى التيار العوني يجد صعوبة في السكوت عنها. ومن ثم، إذا كان شارع عون، المَدين لـ«حزب الله» بانتخابه رئيساً، فهذا مؤشر غير مطمئن لصفاء النيات. والأكثر من ذلك، من شأنه طرح علامات استفهام حول تبنّي الحزب تلقائياً ترشيح جبران باسيل، رئيس التيار وصهر رئيس الجمهورية والمرشح المفضل لإيران وحزبها اللبناني، للمنصب خلفاً لحميه.
بطبيعة الحال، بادرت جهات من الطرفين إلى التقليل من شأن كلام النائب، والتأكيد على صمود تحالف «حزب الله» - التيار العوني. وقد يكون قادة الفريقين متردّدين في قطع شعرة معاوية، غير أن تحالف الفريقين كان منذ البداية تحالفاً انتهازياً يجمع غلاة التشدّد في البيئتين الشيعية والمسيحية. وأما الاعتبارات الرئيسية التي أملت «زواج المصلحة» هذا، فهي:
- العداء المشترك الذي يكنّه «حزب الله» والعونيون لـ«اتفاق الطائف». «حزب الله» من منطلق أن هذا الاتفاق مهّد لوفاق وطني قد يفضي إلى قيام دولة حقيقية ومتوازنة، وهو بالأصل ضد مشروع الدولة. والعونيون من منطلق أن الاتفاق انتزع من رئيس الجمهورية الماروني صلاحيات منحها لمجلس وزراء يرأسه سنّي... وبالتالي أضعف موقع المسيحيين.
- لكون الحزب والتيار العوني في حالة عداء مع «السنّية السياسية»، جاء التقارب طبيعياً وسط أجواء توسّع المشروع الإيراني في المنطقة العربية، عبر استغلال «تحالف الأقليات». وحقاً، كان إنجازاً كبيراً إسقاط نظام صدام حسين، ذي الوجه السنّي في بلد بحجم العراق وأهميته الاستراتيجية، وملء فراغه بممثلين عراقيين تابعين لطهران.
- مع تمدّد المشروع الإيراني غرباً، ازدادت أكثر أهمية الحصول على غطاءٍ مسيحي، محلياً ودولياً. وكان التخلّص من رفيق الحريري - كرمز عملي لـ«اتفاق الطائف» - جزءاً رئيسياً من مشروع التمدّد مروراً بسوريا يحكمها بشار الأسد. لكن، التداعيات الدولية لاغتيال الحريري أدّت إلى إنهاء الوجود العسكري السوري في لبنان، وهو وجود كان يستر العلاقة العضوية بين نظامي دمشق وطهران. وهكذا، بمجرد خروج القوات السورية تسلّمت طهران الملف الأمني اللبناني مباشرةً، ورحّبت دمشق بعودة عون من منفاه الفرنسي ليفجّر كتلة مناوئي محور طهران - دمشق من الداخل... وهكذا كان. وخلال فترة قصيرة عقد تحالف «حزب الله» - عون، الذي لم ينجح فقط في تسليم مرشح «حزب الله» رئاسة الجمهورية وفرض القانون الانتخابي الذي يناسبه، بل وفّر أيضاً تحالف الجانبين التغطية المسيحية لحرب «حزب الله» في سوريا دعماً لنظام الأسد.
التساؤلات الآن هي: ما مقومات استمرار «زواج المصلحة» هذا في خضمّ مشاكل لبنان المعيشية الحادة، علماً بأن هذه المشاكل أدت إلى انتفاضة أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، التي فاقمتها جائحة «كوفيد - 19»، ناهيك بتراجع مداخيل «حزب الله» نتيجة لمعاناة نظام طهران من العقوبات الأميركية وتراجع سعر النفط؟
هل سيتقبّل الشارع المسيحي العوني، الذي لا يربطه أصلاً مع بيئة «حزب الله» سوى العداء المشترك للآخرين، المعاناة الحادة في بلد ينهكه الإفلاس وتستنزفه الهجرة؟
وهل سيغفر مناصرو الحزب، الذين دفعهم قادتهم لنسيان الماضي السياسي لـ«الحليف» المسيحي - بما فيها قضية عامر الفاخوري، ما يمكن اعتباره غدراً... أم سيواصل الحزب - ومن خلفه إيران - الرهان على باسيل؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

انكشاف «المقاومة» في زمن الحاجة إلى المقاومة انكشاف «المقاومة» في زمن الحاجة إلى المقاومة



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 13:56 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أجواء حماسية وجيدة خلال هذا الشهر

GMT 09:22 2020 الأربعاء ,01 تموز / يوليو

أجواء إيجابية لطرح مشاريع تطوير قدراتك العملية

GMT 13:28 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أجواء حذرة خلال هذا الشهر

GMT 21:40 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

يتحدث هذا اليوم عن بداية جديدة في حياتك المهنية

GMT 08:30 2019 الجمعة ,18 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة تحضير بان كيك دايت شوفان سهل ومفيد

GMT 14:47 2019 الأربعاء ,19 حزيران / يونيو

فيفي عبده تردّ على منتقدي شكل حواجبها مع رامز جلال

GMT 18:22 2015 السبت ,06 حزيران / يونيو

صدور "حكومة الوفد الأخيرة 1950-1952" لنجوى إسماعيل

GMT 08:05 2015 السبت ,12 كانون الأول / ديسمبر

فلسطين ومفارقات حقوق الإنسان

GMT 08:09 2012 الجمعة ,22 حزيران / يونيو

"بيجو" تحذر من انها لن تتراجع عن اغلاق مصنع لها

GMT 15:07 2017 الإثنين ,16 تشرين الأول / أكتوبر

أردنية تُنشئ مجموعة إلكترونية لتشجيع المرأة على النجاح

GMT 19:43 2020 الجمعة ,11 أيلول / سبتمبر

زلزال بقوة 4.3 درجة يضرب جزر الكوريل في شرق روسيا

GMT 07:51 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

الجنيه المصري يرتفع أمام الدولار بنسبة 10.3% منذ بداية 2019

GMT 14:09 2019 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

إليسا تعود لإحياء الحفلات في مصر وتلتقي بجمهورها

GMT 10:49 2019 الثلاثاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

"تويوتا" تعدل أحدث نموذج من سيارتها التي يعشقها الملايين

GMT 06:15 2019 الأحد ,14 إبريل / نيسان

هاني سلامة يفقد الذاكرة في مُسلسله الجديد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates