إعادة ترتيب الأوراق

إعادة ترتيب الأوراق

إعادة ترتيب الأوراق

 صوت الإمارات -

إعادة ترتيب الأوراق

إياد أبو شقرا
بقلم - إياد أبو شقرا

المشروع الذي يعنينا في هذه الفوضى التي تعمُّ العالم هو المشروع الذي يستهدف مواردنا الطبيعية، وما يحدث في أميركا وأوروبا ليس شأناً داخلياً لا يعنينا بل هو يسير في ذات السياق.
الأحزاب التي عملت على تفتيت منطقتنا بالموجة الأولى من الربيع العربي مستخدمة الأدوات التي بتنا نعرفها، وهي تمكين جماعات وأقليات عربية بمساندة دول إقليمية كانت ستكافأ بأسهم في التركة.
هي ذاتها التي تقف وراء الجموع الغاضبة في الولايات المتحدة، والتي لاقت صداها في أوروبا والثائرة ضد الظلم والاضطهاد والاستعباد والرق والعنصرية، ولا نعلم إن كانت تلك الجموع تعلم أنها تدفع وتؤيد من قبل أحزاب سياسية غربية، تسعى لاستهداف شعوبنا العربية للنيل من مواردنا الطبيعية، وأنهم سيكونون إحدى أدوات ذلك المشروع بعد الصعود على أكتافهم.
لا أدري إن كانوا على علم بأنهم يساعدونها لتحقيق ذات الأهداف التي يناهضونها الآن، أي عبر آفات الظلم والاستبداد والعنصرية والاضطهاد التي يثورون عليها، فلن تستولي تلك الأحزاب على تلك الموارد باتفاقيات مشروعة كالموجودة الآن، فحروب الموارد الطبيعية تزداد ضراوة بين الدول، وهم يرون الاتفاقيات الحالية مع دولنا مجحفة، هم يريدون أن يستولوا عليها بالطريقة العراقية والليبية، من خلال خونة الأمة العربية وأعوانهم كما حدث في العراق وكما حدث في ليبيا. أدوار تدميرية ما قامت وتقوم به أحزاب وتنظيمات مثل الإخوان المسلمين وحزب الدعوة.
الأحزاب التي رسمت لنا شرقاً أوسط جديداً هي من يساند الفوضى الأميركية والأوروبية بأدواتها التي تملكها، وعلى رأسها الإعلام الموجه والقوى العابرة للحدود، هي من يدفع للمزيد من تلك الفوضى للعودة للسلطة بعد أن تعرضت لخسائر فادحة في مواقعها بسبب ضعفها أمام التيار الوطني، والذي أطلقوا عليه شعبوياً والذي اكتسحها عبر الانتخابات.
أستبعد جداً أن تكون تلك الجموع الغاضبة على إدراك ووعي بالمحركات الرئيسية وأهدافها وبحجم الاستغلال والتوظيف لغضبها، لا على المستوى المحلي ولا على المستوى الدولي.
بمعنى أن هذا الأفريقي الأميركي الذي يصرخ في وجه شرطة نيويورك، ويجعلها تركع على قدميها تطلب الاعتذار عن ظلمها واضطهادها، أو ذلك الذي يعتدي على الشرطة البريطانية أو يقذف الحجارة على الشرطة الفرنسية، وهذا الذي أسقط التاريخ الأميركي أو الأوروبي وداس عليه، يعتقد أنه سينهي عصر الاستبداد والظلم بمحاربته الأنظمة الحالية التي تضطهده واضطهدت الشعوب المستضعفة في أفريقيا واستعبدته، ولا يعلم أن من يسانده ويدفعه للشارع ويسانده إعلامياً ويقف معه ويصفق له ويقدم له الدعم لديه مشروع أكثر ظلماً واستبداداً، ومشابه لما قام به في أفريقيا سابقاً إنما لـلشرق الأوسط هذه المرة؟ وعبر هذه الفوضى سيكمل المشروع.
لا أعتقد أن هذه الجموع التي تهتف ضد الاستعباد لديها علم بأن من يدعمها عينه على الموارد الطبيعية في منطقتنا، ومشروعه جاهز وقد شرع به وبدأه، ويريد بعودته للسلطة بمساعدة هذه الجموع أن يكمله وينهيه على حساب ملايين البشر، الذين سيقتلون وسيشردون وسيهجرون.
بالمقابل دعونا نحن أيضاً لا ننسى أننا نواجه هذه الأحزاب بالأساس، فلا ننظر تحت أقدامنا فقط، فما النظام القطري إلا واحد من عدة أدوات له، ومقاطعته وإن أضعفت هذه الأداة، لكنها لم تمنعها من الاستمرار بمساعدة الأدوات الأخرى في إكمال مشروعهم، وأن دولاً كتركيا وإيران والقوى العابرة للحدود كالمنظمات ووسائل إعلام واتصال هي تلك الأدوات، لذلك ستستمر تركيا وإيران بلعب دورهما وستتلقى المزيد من المساعدات النقدية من قطر لاستكمال مشروعهما.
ودعونا لا ننسى أن روسيا لم تستطع أن تتغاضى عن رغبتها في نيل حصتها من ذلك التقسيم، فدخلت على الخط في سوريا وفي ليبيا منافسة لتركيا هناك ومزاحمة لإيران، فلن يتم الاستيلاء على موارد هذه المنطقة من دون إسقاط أنظمتها وانهيار الدولة، ومن ثم التعامل مع مجموعة ميليشيات تأخذ السلاح مقابل بيع الأرض وما عليها.
هذا ما حدث في العراق وسوريا وليبيا واليمن، وفشلت الجولة الأولى في مصر والبحرين، ولكنهما ما زالتا مستهدفتين ولن تستثنى دولة عربية من الاستهداف.
إذن لنرتب أوراقنا من جديد، ونتذكر من هو خصمنا الأساسي، وليتذكر أن تلك الفوضى الأميركية والأوروبية يقف وراءها «اليسار» بأحزابه وتياراته ومنظماته وأدواته، وأن قطر وتركيا وإيران والإخوان وحزب الدعوة كلهم جميعاً ما هم إلا أوراق في ذات اللعبة، فتلكن عيننا على الرأس لا على الأذناب.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إعادة ترتيب الأوراق إعادة ترتيب الأوراق



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 10:18 2016 الخميس ,13 تشرين الأول / أكتوبر

كارينا كابور في إطلالة رشيقة مع أختها أثناء حملها

GMT 15:51 2019 الإثنين ,13 أيار / مايو

حاكم الشارقة يستقبل المهنئين بالشهر الفضيل

GMT 15:56 2018 الجمعة ,27 إبريل / نيسان

"الديكورات الكلاسيكية" تميز منزل تايلور سويفت

GMT 12:03 2019 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

قيس الشيخ نجيب ينجو وعائلته من الحرائق في سورية

GMT 11:35 2019 الخميس ,09 أيار / مايو

أمل كلوني تدعم زوجها بفستان بـ8.300 دولار

GMT 08:09 2019 الأربعاء ,09 كانون الثاني / يناير

محمد صلاح يُثني على النجم أبو تريكة ويعتبره نجم كل العصور

GMT 19:44 2018 الثلاثاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

"شانيل" تبتكرُ قلادة لؤلؤية بطول 60 قدمًا

GMT 16:32 2018 الجمعة ,28 أيلول / سبتمبر

كنيسة قديمة تتحول إلى منزل فاخر في جورجيا

GMT 16:59 2018 الثلاثاء ,10 تموز / يوليو

جاكوبس تروي تفاصيل "The Restory" لإصلاح الأحذية

GMT 17:32 2013 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

مقتل صاحب إذاعة موسيقية خاصة بالرصاص في طرابلس
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates