عن خلفيات «التعايش» الأميركي ــ الإسرائيلي مع إيران

عن خلفيات «التعايش» الأميركي ــ الإسرائيلي مع إيران

عن خلفيات «التعايش» الأميركي ــ الإسرائيلي مع إيران

 صوت الإمارات -

عن خلفيات «التعايش» الأميركي ــ الإسرائيلي مع إيران

بقلم - إياد أبو شقرا

نفّذ الرئيس الأميركي جو بايدن، إذن، وعده... وشنّ هجوماً عسكرياً ضد إيران.

أقول «ضد إيران» وفق المفهوم المرِن والفضفاض للكلمة. ذلك أنَّ الهجوم لم يستهدف الأراضي الإيرانية ذاتها، ولا شُنّ بِنية فرض هزيمة عسكرية حاسمة على نظام طهران تفضي إلى تحقيق الغاية السياسية من الهجوم.

لقد استهدف، كما كان متوقعاً - بالنظر إلى سوابق الإدارتين الديمقراطيتين الأخيرتين - مناطق عربية تقع ضمن دائرة نفوذي طهران السياسي والعسكري. ثم إنه تقرّر لغايات نفسية انتقامية خلفها اعتبارات «سنة انتخابية» ما كان يجوز أن تظهر فيها إدارة الرئيس ضعيفة العزم في وجه التحديات.

المهم أنَّ حسين أكبري، السفير الإيراني لدى سوريا، بادر سريعاً لـ«طمأنتنا» إلى أنَّه لم يسقط إيراني واحد في عشرات الغارات الأميركية. وعليه، يتَّضح أنَّ هدف «توجيه رسالة رادعة» لم يتحقّق... ناهيك من أنَّه، منذ البداية، لم تكن هناك أي نية في الحسم.

ما حصل، بلا شك، كانَ ضمن حسابات واشنطن. ولهذا جاء الرد الجاهز ليقول إن الهجومَ الأخير «مجرد جزء من الرّد الأميركي» على مهاجمة قاعدة التنف في البادية السورية قرب المثلث الحدود العراقي – السوري – الأردني.

وفي الحقيقة، التي تتأكد تكراراً مع كل فاصل «تفاوضي» بالسلاح الحي بين جماعتي «الشيطان الأكبر» و«الشيطان الأصغر» (أميركا وإسرائيل)، وبين «محور المقاومة»، لا نهاية محسومة زمنياً بعد للتنافس المستمر على «تقاسم» المنطقة، وفق ما بات يسمى «قواعد الاشتباك».

هنا أزعم أنَّ الإخوة في فلسطين أدركوا الآن - حتى ولو اختاروا تجنّب التشكيك - أن النظام الإيراني لن يقاتل دفاعاً عنهم... مع أنَّه لم يفوّت فرصة للمتاجرة بقضيتهم ومصيرهم وأحلامهم وآلامهم.

فمهمة «القضاء على إسرائيل خلال 7 دقائق» نُسيت على الرغم من تدمير قطاع غزة واستشهاد وإصابة عشرات الألوف من أهله.

وعبارة «وحدة الساحات» التي روّج لها كثيرون وصدَّقوها، تبيّن أنَّها محصورة في «ديار العرب المحتلة» إيرانياً، بينما بقيت الأراضي الإيرانية نفسها في مأمن من أي انتقام مباشر.

وأيضاً، على الرغم من كثافة أزيز القذائف وأعمدة دخان القصف على جبهة الحدود الإسرائيلية اللبنانية، كانَ بديهياً أنَّ العمليات العسكرية استهدفت وتستهدف عن سابق معرفة – داخل إسرائيل على الأقل – مستوطنات أخليت من السكان.

وبالتالي، كانت الغاية إسكات الداخل اللبناني، وإنقاذ ماء وجه محور إيران... حتى بعد اغتيال القيادي الفلسطيني «الحمساوي» صالح العاروري في منطقة نفوذ «حزب الله» بالضواحي الجنوبية لبيروت. وطبعاً، هذا بالتوازي مع إصرار واشنطن على «منع اتساع المواجهة إقليمياً» تسهيلاً للاستفراد الإسرائيلي بغزة...

بل حتى بحراً؛ حيث أضحى البحر الأحمر «ساحة مائية» لتسجيل المواقف والمزايدة كجزء من الفواصل «التفاوضية» السابقة الذكر، حرصت واشنطن مجدّداً على التعامل بـ«القطعة» مع نظام طهران في دفاعها المستميت عن حرب تهجير قطاع غزة. ومجدّداً، نتذكّر هنا مسارعة البيت الأبيض للإعلان «أن لا أدلّة على تورط طهران» خلال ساعات مما حدث يوم 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

بصدق، لا أقصد من كل هذا الكلام تحريض واشنطن وتل أبيب على إيران شعباً وأرضاً وثقافة وعلاقة جوار تعود في التاريخ لآلاف السنين.

إطلاقاً، إيران جزءٌ لا يتجزأ من المنطقة، بل لقد ارتبطنا بها حضارياً لقرون... فأخذنا منها وأعطيناها كثيراً. ولا يُنكِر إلا مكابِر ما أعطته تلك الأرض العريقة لعالمنا العربي والإسلامي، بل وللعالم كله، من الروّاد العباقرة في مجالات الدين والفكر والعلوم والثقافة والفن والإدارة..

بالمختصر، إيران ليست غريبة عنا ولا نحن غرباء عنها. وهي تظل قريبة منا... حتى عندما يجرّب حاكموها، بين الفينة والفينة، التنكر لعلاقات التآخي والتعايش والتفهّم والتفاهم.

مشكلتنا الحقيقية اليوم مع طهران، أنها تحت شعارات «تحرير القدس» تحاربنا نحن... وليس الذين يحتلون القدس. وهذا الواقع معروف تماماً في واشنطن مثلما هو معروف في تل أبيب.

وطوال السنوات الأخيرة، كانت الإدارات الأميركية المتعاقبة تلعب «ظاهرياً» دورَ مَن يلجم غلاة اليمين الإسرائيلي ويمنعهم عن مهاجمة إيران.

طوال هذه الفترة كانت طهران توسّع عبر ميليشياتها المذهبية احتلالاتها المدمّرة في الأراضي العربية - خاصة، في العراق وسوريا ولبنان - بحجة مقاتلة إسرائيل وتحرير فلسطين. وكان اليمين الليكودي الفاشي يستفيد من تضخيم خطر «الغول» الإيراني كي يسهل عليه احتكار الساحة الإسرائيلية.

ومن ثم، أدَّى التخوف من التوسّع الإيراني إلى دفع بعض العرب باتجاه تقبّل إسرائيل والتطبيع معها... ونجح التطرّف الإسرائيلي في دفع البعض الآخر من العرب نحو الاستزلام لملالي طهران وحرسهم الثوري.

حدث كل هذا بينما كانت واشنطن، سياسياً وبحثياً وإعلامياً، مرتاحة لتوزيع الأدوار بالاتجاهين.

لقد تساقطت بلدان المشرق العربي ونُهبت ثرواتها ومُزِّق نسيجها الاجتماعي وشهدت أوسع عمليات التظهير الفئوي منذ قرون. ومع هذا... تسابقت مراكزُ القرار الأميركية (الإسرائيلية الإيحاء والدعم)، ولا تزال تتسابق على إيجاد «المبرّرات الاستراتيجية» لإحجام واشنطن عن وضع حد لعربدة نظام طهران.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن خلفيات «التعايش» الأميركي ــ الإسرائيلي مع إيران عن خلفيات «التعايش» الأميركي ــ الإسرائيلي مع إيران



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 18:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 صوت الإمارات - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 18:59 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 صوت الإمارات - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 06:14 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

العاهل الأردني يلقي خطاب العرش في افتتاح مجلس الأمة العشرين
 صوت الإمارات - العاهل الأردني يلقي خطاب العرش في افتتاح مجلس الأمة العشرين

GMT 19:13 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
 صوت الإمارات - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 19:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
 صوت الإمارات - "نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 18:09 2018 الثلاثاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

تصميمات مختلفة لسلاسل من الذهب رقيقة تزيدك أنوثة

GMT 11:26 2018 الجمعة ,19 كانون الثاني / يناير

الصين تتسلم الدفعة الأولى من صواريخ "أس-400" الروسية

GMT 16:28 2017 الجمعة ,20 كانون الثاني / يناير

تسمية بافوس القبرصية عاصمة للثقافة الأوروبية

GMT 18:36 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تنجح في عمل درسته جيداً وأخذ منك الكثير من الوقت

GMT 12:16 2020 الإثنين ,01 حزيران / يونيو

تجنّب أيّ فوضى وبلبلة في محيطك

GMT 17:14 2019 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

بن راشد يُصدر مرسوماً بضم «مؤسسة الفيكتوري» إلى نادي دبي

GMT 01:20 2019 السبت ,20 تموز / يوليو

نبضات القلب المستقرة “تتنبأ” بخطر وفاتك!

GMT 02:41 2019 السبت ,05 كانون الثاني / يناير

"الفاتيكان" تجيز استئصال الرحم من المرأة لهذا السبب فقط

GMT 23:19 2013 الأربعاء ,12 حزيران / يونيو

"Gameloft" تستعرض لعبة "Asphalt"بهذا الصيف

GMT 13:12 2013 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

معرض الكتاب الكويتي منصة متميزة لأصدارات الشباب الأدبية

GMT 09:48 2013 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

الإذاعة المِصرية تعتمد خِطة احتفلات عيد "الأضحى"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates