الاستكانة أمام التصدع والموجة الجديدة

الاستكانة أمام التصدع والموجة الجديدة

الاستكانة أمام التصدع والموجة الجديدة

 صوت الإمارات -

الاستكانة أمام التصدع والموجة الجديدة

بقلم: رضوان السيد

باستثناء السودان؛ فإنّ بلدان الاضطراب منذ عام 2011 تبدو ساكنةً لا حراك فيها. لكنّ السكون خادع، لأنّ كل الميليشيات التي ظهرت وسيطرت بدرجاتٍ متفاوتة لا تزال موجودةً وفاعلة ولا يبدو أنها تحس بالتهديد من سلطاتٍ بالداخل أو من عوامل خارجية. وصحيح أن تفاصيل الظاهرة تختلف من بلدٍ لآخر، لكنها تشترك في أنها تشارك السلطات في السلطة والموارد، وتستقل بمناطق أحياناً، ولبعضها علاقات خارجية، وأكثرها تابع لاستقطاب لا يتزعزع ولا يتصدع رغم طول المدة، أو بسبب ذاك الطول الذي صار مرتبطاً بمصالح مستقرة بالداخل أو مع الخارج.

في المدة الأخيرة تُعكّر هذا السكون أو تلك الاستكانة أخبار عن اشتباكات صغيرة مع «داعش» الذي لا تزال فيه حياة، وإن تكن دعاويه واضطراباته أعظم بمناطق الساحل الأفريقي. فبالإضافة إلى سوريا والعراق والظهور الباقي لـ«داعش» فيهما، لا يمضي شهر إلا ويعلن الأتراك عن القبض على دواعش بداخل تركيا من أصول سورية وعراقية أو من أصول بآسيا الوسطى، لكن من الأتراك أيضاً! هل يعني ذلك عودةً لصعود الظاهرة؟ لا يبدو ذلك واضحاً خارج الساحل الأفريقي ونيجيريا كما سبق القول.

وإذا كان الأمر كذلك، فلماذا نعدّ السكون استكانةً؟ لأنه ما من بلد ظهرت فيه الميليشيات وسيطرت إلا وثار الناس عليها، ومن سوريا ولبنان والعراق وتركيا واليمن. بيد أن تلك الثورات فشلت إما لسوء التنظيم وإمعان الميليشيات في القتل والملاحقة، أو تدخل جهة خارجية لنصرة الميليشيات بالسلاح والوساطات السياسية. لقد خمدت الحراكات الشعبية وبقي الوضع على ما هو عليه: الفساد وضياع الموارد وتعدد الولاءات، وأحياناً الانقسام الظاهر على الأرض كما في حالة سوريا. وهكذا لا مستقبل لهذه الكيانات يمكن التعرف إلى معالمه، أي معالم الدولة التي اعتاد عليها النظام الدولي في العالم الحديث، إذا بقيت الميليشيات!

هل يعني ذلك أنه لا أمل؛ لقد ضاع الأمل بقرارات مجلس الأمن والنظام الدولي بشأن لبنان وسوريا واليمن. وهناك محاولات مستمرة في ليبيا. إنما يبقى هناك الأمل في أن يتخلّى طرف إقليمي أو دولي عن تدخله أو مناطق نفوذه لهذا السبب أو ذاك- أو يتجدد الأمل لدى العرب بإمكان التدخل وجدواه في بلدٍ أو أكثر. وأقصد بالطرف الإقليمي الذي يريد التخلّي بمقابل تركيا إردوغان. فهو يريد الخروج من سوريا والعراق إذا اتفق مع سلطات البلدين على ضبط حزب العمال الكردستاني ومسلحيه على أراضيهما. وحتى الآن دون ذلك صعوبات كبيرة. لأن في سوريا أطرافاً أخرى لا تريد الخروج، ولأن الأميركيين يحمون المناطق الكردية بسوريا وضمن المحميين عساكر حزب العمال! ولو فرضنا أن العرب تدخلوا لاستعادة وحدة سوريا؛ فإنّ هذا الوضع لا ينطبق على الأقطار الأخرى لأن الميليشيات صارت «منتخبة» وسيطرتها مستقرة كما في العراق ولبنان. الروس وهم حلفاء إيران، يبدون متحمسين للوساطة بين إردوغان والأسد. أما في العراق فإنّ الجيش التركي يغير على قواعد حزب العمال هناك بموافقة الحكومة العراقية وسلطات كردستان.

وما سلّم العرب ولا الأفارقة بهجران الأوضاع المتفاقمة في السودان حيث تستمر ميليشيا «الدعم السريع» في التقدم على الجيش. إذ أتى كلٌّ من نائب وزير الخارجية السعودي، ورئيس وزراء إثيوبيا، لمقابلة البرهان قائد الجيش في مدينة بورتسودان من أجل الوساطة لوقف القتال بالطبع.

إنّ كل المشكلات المحيطة بتفاقم ظاهرة الميليشيات في دولٍ عربية عدة، لا ينبغي أن تلهينا عن التأمل أو التفكير في ظاهرةٍ أو موجةٍ جديدة. من وراء الحرب الهائلة بغزة، تصاعدت لدى الجمهور العربي والإسلامي موجات التضامن مع سكان القطاع ومع سائر فلسطين الواقعة تحت الاحتلال. والانتقال أو التحول باتجاه الدين في قضية فلسطين بالذات سهل. وهو الذي حصل ويحصل في بلدانٍ عربية عدة مثل لبنان والأردن. ولا تستغل ذلك الأحزاب والحركات المتشددة وحسب؛ بل وتتدخل الدول مثل إيران وتركيا في أوساط شبان السنّة هذه المرة من أجل الإثارة والاستقطاب. وهو أمرٌ لا ينبغي إهماله، لأنه يوسِّع الهوة مع السلطات من جهة، وقد يُنشئ ميليشياتٍ جديدةً من جهةٍ ثانية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الاستكانة أمام التصدع والموجة الجديدة الاستكانة أمام التصدع والموجة الجديدة



GMT 01:25 2024 الجمعة ,18 تشرين الأول / أكتوبر

الساحة عربية... والميدان غريب

GMT 01:25 2024 الجمعة ,18 تشرين الأول / أكتوبر

مصباح الرياض والقاهرة

GMT 01:24 2024 الجمعة ,18 تشرين الأول / أكتوبر

مؤامرة التغيير الديموغرافي في السودان

GMT 01:24 2024 الجمعة ,18 تشرين الأول / أكتوبر

البحث عن مقبرة المهندس إيمحوتب

GMT 01:23 2024 الجمعة ,18 تشرين الأول / أكتوبر

الحرب ضد «حزب الله» تستهدف نفوذ إيران في لبنان

GMT 01:22 2024 الجمعة ,18 تشرين الأول / أكتوبر

طموح نتانياهو.. في ظلّ بلبلة ايرانيّة!

GMT 01:22 2024 الجمعة ,18 تشرين الأول / أكتوبر

“التوجيهي المصري” آخر اختراعات البزنس الأردني

GMT 01:21 2024 الجمعة ,18 تشرين الأول / أكتوبر

أدوية غيّرت تاريخ الطب

النجمات يتألقن في فساتين سهرة ذات تصاميم ملهمة لموسم الخريف

القاهرة - صوت الإمارات
ننتظر إطلالات النجمات الأسبوعية للإستلهام منهن أجدد صيحات الموضة الرائجة، خاصة في المناسبات. فالنجمات تحبذن اختيار اجدد التصاميم الرائجة من أشهر العلامات التجارية والمصممين العرب والعالميين. وفي جولتنا لهذا الأسبوع، رصدنا لكم العديد من الإطلالات التي لفتتنا، بين النقشة البرية التي راجت جدا لهذا الموسم الى جانب الفساتين المرصعة بحبات الترتر اللامعة، فدعونا نلقي نظرة على إطلالاتهن لتستلهموا منهن. إطلالة الفنانة وعد بفستان سهرة مطبع بالورود النجمة السعودية وعد أبهرتنا بأحدث اطلالاتها في حفل غنائي لها خلال إحيائها حفلة لأحد الأعراس، مرتدية فستاناً أنيقاً وفخماً مرصعاً بحبات الترتر اللامعة. تألف الفستان من قطعتين، القطعة الأولى جاءت على شكل تصميم حورية البحر مع الفتحة العميقة عند الصدر المغطاة بقطعة قماش من الشيفون، وال...المزيد

GMT 15:22 2020 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

الإمارات تدين هجوم ميليشيات الحوثي على مسجد في مأرب

GMT 19:28 2019 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

صراع مستمر بين الأمير هاري وميغان ماركل والصحافة البريطانية

GMT 21:18 2019 الثلاثاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

نقل المخرج علي عبدالخالق إلى المستشفى بعد إصابته بنزيف

GMT 03:17 2019 الأربعاء ,12 حزيران / يونيو

نصائح مُهمة لاختيار ألوان غرف نوم الكبار والصغار

GMT 07:20 2019 الخميس ,06 حزيران / يونيو

الشيخة فاطمة تستقبل المهنئات بعيد الفطر

GMT 04:40 2019 الأربعاء ,29 أيار / مايو

سودانيون يعترضون طائرة سعودية في مطار الخرطوم

GMT 15:45 2019 الأربعاء ,23 كانون الثاني / يناير

بابا الفاتيكان يُطلق تطبيقًا رقميًا للصلاة معه

GMT 07:54 2019 الجمعة ,18 كانون الثاني / يناير

شيرين عبد الوهاب تروج لحفلها في الكويت عبر "إنستغرام"

GMT 18:33 2018 الإثنين ,17 كانون الأول / ديسمبر

الدبعي يوضح أسباب إنشاء معهده لتعليم الموسيقى

GMT 00:11 2018 الثلاثاء ,21 آب / أغسطس

الكاتب الأردني نزار عيسى يبدع في "دماء جافه"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates