الاستراتيجية الإيرانية وإلى متى الحرب

الاستراتيجية الإيرانية وإلى متى الحرب؟

الاستراتيجية الإيرانية وإلى متى الحرب؟

 صوت الإمارات -

الاستراتيجية الإيرانية وإلى متى الحرب

بقلم: رضوان السيد

في خطاب زعيم «حزب الله» مساء الثلاثاء، 6-8-2024، في اغتيال إسرائيل لقائدٍ عسكريٍ بالحزب مرت كلمة لافتة: «ليس على إيران أن تشنّ حرباً دائمة وإنما عليها هذه المرة أن تردّ بسبب اغتيال الشهيد إسماعيل هنية على أرضها»! لو أكمل نصر الله عبارته لقال: ليس عليها أن تشنّ حرباً دائمةً من أجل فلسطين، لكنه لم يفعل. لكن إيران في الواقع ومنذ أكثر من عقدين تشنّ حروباً بنفسها أو بواسطة ميليشياتها المنتشرة بالمنطقة. ونحن نعلّل ذلك دائماً باشتباكها مع الولايات المتحدة لأسباب عدة، وباستراتيجيتها في زعزعة الاستقرار بجوارها العربي. ونقول إن الولايات المتحدة تتبع تجاهها سياسة «الاحتواء» وليس المصادمة. ونقول أيضاً وأيضاً إنّ إيران حققت مكاسب، بالمعنيَين السياسي والاستراتيجي، بالاستيلاء على مساحاتٍ وموارد، وإزعاج الولايات المتحدة وإسرائيل وهي تتجه لتحالفٍ وثيق مع روسيا في الوقت الذي تكاد فيه الولايات المتحدة تشتبك مع روسيا في أوكرانيا.

بيد أن هذه المكاسب المحققة أو المتصورة ذات تكلفةٍ باهظةٍ ليس على اقتصادها وشعبها بسبب الإنفاق الهائل على العسكر والميليشيات والحصار الأميركي، بل وعلى هيبتها وقدراتها وتقدمها وعلاقاتها بالجوار والمحيط. ويبدو ميزان الأرباح والخسائر في لحظته الحاسمة الآن، حيث تتثاقل إيران في الردّ على الاختراقات الإسرائيلية التي لا تنفع فيها تحرشات الميليشيات الموالية، أو لا تكفي.

سمحت الولايات المتحدة، أو لم ترفع الصوت وإيران تتغلغل في الدول العربية ولا تزال، لكنها لم تسمح لها بالتعرض الحقيقي لإسرائيل. وهذا في الوقت الذي اقتنع فيه الإسرائيليون بأنهم لن يحظوا بالأمن ما دام الإيرانيون مصمّمين على استمرار المواجهة ولو من طريق الميليشيات.

الأشهر العشرة الأخيرة من الحرب بين غزة وجنوب لبنان واليمن، أظهرت أموراً عدة أهمها صمود «حماس»، وتفوق الجيش الإسرائيلي ليس على «حماس» فقط، بل وعلى «حزب الله» وعلى إيران نفسها. وبالطبع لولا الدعم السلاحي واللوجيستي والاستخباراتي من الجيش الأميركي ما كان التفوق الإسرائيلي ليظهر بهذا القدر. لكن هذه هي حقائق الموقف الذي لم يتغير منذ عقود عدة.

فإلى أين تتجه إيران في المستقبل القريب؟

نصر الله أشد أنصار إيران قوةً وثقة، يرى أنه ليس من «واجب» إيران شن حروبٍ دائمة. والإيرانيون انتخبوا رئيساً إصلاحياً يريد علاقاتٍ أخرى بالغرب والعالم، ويريد من طريق ذلك إدخال شيء من الهدوء والراحة على الشعب الإيراني الذي انتخبه. والمرشد المتقدم في السن يهيئ لخلافته، ومن الطبيعي رغم الغضب الذي يحسُّ به نتيجة اختراقات التفوق الإسرائيلي، أن يشعر بالحاجة إلى ترك انطباعاتٍ طيبةٍ عن نفسه وعن مواريثه لدى الشعب الإيراني. وإلى ذلك كلّه ففي مناطق انتشار النفوذ الإيراني هناك تذمرٌ كبير من جانب الأكثريات في العراق وسوريا ولبنان، والفرق ضئيل بين الشيعة والفئات الأخرى في مطلب الاستقرار، وأن تدعهم إيران وشأنهم... فليس من الطبيعي أن تكون في البلدان الثلاثة المذكورة جيوش وقوى أمنية وإلى جانبها أو فوقها ميليشيات تأتمر بأمر «الحرس الثوري» الإيراني.

فهل تكون هذه هي اللحظة المناسبة لمراجعة استراتيجيات التدخلات والحروب والميليشيات، ليس تجاه إسرائيل بالتحديد، بل تجاه سائر البلدان: فما جدوى الإنفاق على عشرات الألوف من الميليشيات الأفغانية والباكستانية الشيعية في سوريا؟ وما المصلحة في أن تتلوث سمعة «الثورة الإيرانية» من طريق أذرعها بصناعة المخدرات وتهريبها، والدخول في مجموعات الجريمة المنظمة في أميركا اللاتينية والوسطى وأفريقيا؟! ولنتأمل في السمعة السيئة لكتائب «الحشد الشعبي» العراقي في استغلال أموال الدولة، وفي ممارسة «الصلبطة» على الناس بالداخل العراقي؟ وكما ثار العراقيون عام 2019، ثار اللبنانيون في العام نفسه وللأسباب ذاتها: الفساد و«الصلبطة» والمذهبية والإذلال، وانتهاك الحقوق وتجاوز الحدود.

ولندع هذا وذاك وذلك. ولنتأمل العلاقات مع الدول العربية السليمة والمريضة. هي علاقات التربص من جانب الإيرانيين، والحذر من جانب العرب. ومع ذلك لولا المنافذ من دبي والاستئثار من العراق، لما أمكن تصور بقاء للاستقرار الهش في إيران. ما الحاجة إلى هذا الكلام غير ذي التعقل حول تصدير الثورة: فهل النموذج الذي يُراد تصديره قابل للتصدير بالفعل؟ وإذا كان الأمر كذلك، فلماذا التمردات الشعبية الكبيرة عليه بالداخل الإيراني؟

إذا قسنا نجاح «الثورة» بما فكّكت وخرّبت من بلدان، وبما حرمت شعبها من ضروريات العيش؛ فإنّ التوجه الاستراتيجي لهذا البلد الغني جداً يكون مستحقاً للترحاب والتقديم. لكنّ الأمر ليس كذلك كما يدركه أكثر الإيرانيين.

فهل يمتلك النظام الإيراني الشجاعة لإعادة النظر في التوجهات والسياسات كما حصل في سنغافورة والصين وحتى في رواندا؟! إن لم يحصل ذلك فنحن مقبلون على المزيد من النزاعات، بسبب إسرائيل وبسبب إيران، على ملفاتٍ أخرى نافرة أهمها الملف النووي الإيراني.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الاستراتيجية الإيرانية وإلى متى الحرب الاستراتيجية الإيرانية وإلى متى الحرب



GMT 05:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

يتفقد أعلى القمم

GMT 05:44 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا و«تكويعة» أم كلثوم

GMT 05:43 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

تحولات البعث السوري بين 1963 و2024

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الهروب من سؤال المصير

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الهروب من سؤال المصير

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا والنظام العربي المقبل

GMT 05:41 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 05:41 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

2024... سنة كسر عظم المقاومة والممانعة

GMT 20:41 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الإمارات تدين عملية الدهس التي وقعت في سوق بألمانيا
 صوت الإمارات - الإمارات تدين عملية الدهس التي وقعت في سوق بألمانيا

GMT 20:34 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

ابنة أصالة نصري تتحدث عن معاناة عائلتها في ظل حكم الأسد
 صوت الإمارات - ابنة أصالة نصري تتحدث عن معاناة عائلتها في ظل حكم الأسد

GMT 22:24 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 21:01 2017 الأحد ,01 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار السجائر في الإمارات بعد تطبيق الضريبة الانتقائية

GMT 12:14 2020 الإثنين ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الثور الأثنين 30 تشرين الثاني / نوفمبر2020

GMT 07:44 2019 الجمعة ,06 كانون الأول / ديسمبر

تامر حسني يعلن موعد عرض فيلم "الفلوس"

GMT 12:06 2018 السبت ,13 تشرين الأول / أكتوبر

دندن يبحث سبل تعزيز التعاون مع جمعية الشارقة الخيرية

GMT 16:46 2016 الثلاثاء ,09 شباط / فبراير

تخفيض دائم على سعر جوال "OnePlus 2" إلى 349 دولار

GMT 08:23 2016 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

توزيع جوائز القصة القصيرة بالتعاون مع مؤسسة "بتانة" الثقافية

GMT 11:42 2015 الخميس ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

المصممون يضعوا لمسة "الأهداب" الأنيقة لأحذية الرقبة

GMT 23:56 2015 السبت ,11 تموز / يوليو

الأمطار تغرق المناطق المنخفضة في روالبندي

GMT 07:31 2013 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

"THQ" تُقرر عدم إصدار لعبة "Avengers"

GMT 09:19 2017 السبت ,16 كانون الأول / ديسمبر

واريورز ينتصر على دالاس مافريكس في دوري السلة الأميركي

GMT 08:25 2015 السبت ,14 شباط / فبراير

ظهور ضوء مبهر وصوت هائل في سماء نيوزيلندا

GMT 10:51 2017 السبت ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

أمل رزق تستعد للمشاركة في مسلسل "للحب فرصة أخيرة"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates