الأسطورة عندما تُواجهُ أسطورةً مشابهة

الأسطورة عندما تُواجهُ أسطورةً مشابهة!

الأسطورة عندما تُواجهُ أسطورةً مشابهة!

 صوت الإمارات -

الأسطورة عندما تُواجهُ أسطورةً مشابهة

بقلم : رضوان السيد

رغم الجيوش والميليشيات المحتشدة على الأرض وفي البحر والجو، والتي تتواجهُ منذ عامٍ؛ فإنّ هناك أسطورتين غير أرضيتين تتواجهان، يغذّيهما الدم المسفوك والخراب المنشور، ولا تردُ بالنسبة إليهما الهزيمة أو الاختفاء: الأسطورة الإسرائيلية للدولة الأبدية والعَود الأبدي، والأُسطورة الإيرانية لانتصار الدم على السيف.

في أقسى لحظات التأبين والافتراق، يتذكر الخامنئي وهو ينعى مريده وبطله حسن نصر الله، الحسين وشهادته. لا مقارنة بين عسكر الحسين وعسكر يزيد. لكنّ التضحية المشهودة لا تُقاسُ بلحظة الموت، بل بشهود التاريخ وما فوق التاريخ وما قبله وبعده، ليبدوَ مقتلُ نصر الله على أيدي الصهاينة حدثاً منفرداً ورمزاً لانتصارٍ كان ويكون، وتقوى رمزيته بقدر ما يتكرر بتكرر مآسي «أهل البيت» السائرين إلى فوزٍ باقٍ ليس من هذا العالم.

بيد أنّ الشهيد المظلوم ونموذجه المنتصر، لا يقتصر على الجانب الإيراني، بل هو حاضرٌ في الجانب الإسرائيلي بقوةٍ أيضاً. فالقلةُ اليهودية التي يريد الجميع افتراسها، تحضر لديها ليلة «طوفان الأقصى» قبل عام الأخطار الوجودية للإبادة، والتي لا يفهم مغازيها غير الإنجيليين الأميركيين الذين يهبون لنجدتها فيما فوق أو وراء حتى أحلام بنيامين نتنياهو. يأتي إلى إسرائيل على عجلٍ كلٌّ من الرئيس الأميركي جو بايدن، ووزير خارجيته أنتوني بلينكن، وكلاهما يقول إنه يحسُّ صهيونيته، وليس لينفي إمكان الإبادة أو تكررها، بل وليدفع باتجاه إبادة الخصم، غير مكتفٍ بمواجهة الخصم القريب، بل والحُلم الحسيني الشاخص. والشعار متواضع هو حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، أما الرمزُ الكامنُ أو الظاهرُ وراءها فهو استحضار الحُلم والوعد بانتصار القلة على الكثرة المتوحشة أو الهمجية في رؤى يوحنا ودانيال.

ما حضرت الرموز المسيانية في حربٍ من الحروب على فلسطين كما حضرت في هذه الحرب. يقول نتنياهو إنه يقاتل على سبع جبهات. أما الواقع فهو أنّ الإسرائيليين ومنذ عام 1948 كانوا دائماً هم الأكثرية في العدد والعدة حتى عندما كانوا يواجهون سبع دولٍ عربية!

ما خلا التلوين الديني للصراع في أيٍ من الحروب السابقة. لكنه كان الأكثر حضوراً هذه المرة. فاليمين الديني هو الحاضر في الحكومة الإسرائيلية. وفي الجانب الآخر تحضر «حماس» الإسلامية و«الجهاد الإسلامي»، و«حزب الله»، نعم «حزب الله»، ومن وراء الجميع وفي قيادتهم إيران الإسلامية. ويمكن استكمال المشهد بالإنجيلية الأميركية التي هبّت لضرب أعداء إسرائيل. لا يحب الأوروبيون ولا السياسيون الأميركيون الشعارات الدينية في الحروب وإن اعتقدها بعضهم ضمناً. وقد تذكروا ياسر عرفات الإسلامي المعروف الذي كان يقول إنّ الصراع الديني لا ينتهي ولا يمكن الفوز فيه، ولا بد من توطية السقف حتى إلى ما تحت القومي كالوطني والإنساني والحقوق المشروعة لدى المواثيق الدولية. لكنّ هذا ليس هو شأن «حماس» الطرف الرئيسي في الصراع على الأرض التي تؤمن بالوعد الحقّ الظاهر في تصريحات أبو عبيدة. وبدا خالد مشعل علمانياً جداً عندما عدَّ النجاح الإسرائيلي تكتيكياً، بينما انتصار «المقاومة» هو انتصار استراتيجي! وهو الأمر الذي ذهب إليه نعيم قاسم نائب الأمين العام لـ«حزب الله» عندما تنازل عن الربط وعدّ نبيه بري المرجع الأبرز في إدارة الصراع الجاري!

يقول كثيرون إنّ الشعارات الدينية من الطرفين هي للتحميس. ونتنياهو ليس مشهوراً بتدينه. لكنّ حركات المتدينين الصاعدة تمضي إلى ما وراء الصهيونية، لتستعيد ذكريات سقوط أريحا وإبادة الأعداء الكنعانيين والمؤابيين. ولأنّ هذه الذكريات التوراتية فيها الانتصار وفيها الهزيمة، وكلا الأمرين تحضر فيه توقعات الإبادة والهولوكوست (الذي ما جرى إلاّ على اليهود) تتخذ هذه الحرب أبعاداً نشورية. فإذا عدنا إلى الأرض أو الميدان كما سماه نصر الله، نجد أنّ غزة بعد عامٍ على الملحمة تحوم فيها إلإبادة فوق الرؤوس. يقول المتطرفون الإسرائيليون: لقد ارتحنا من غزة و«حماس» لعشر سنواتٍ على الأقلّ، فلماذا لا ننتهز الفرصة فنرتاح من العدوِّ في الشمال لعشر سنواتٍ وأكثر؟!

عدّ «حزب الله» نتائج حرب عام 2006 انتصاراً إلهياً. وفي عظاته في ليالي رمضان وعاشوراء في الأعوام التالية، ومع الملاحم الجارية آنذاك في العراق ثم في سورية، عدّ نصر الله أنّ هناك أمائر وبشارات باقتراب ظهور الغائب. كلام نعيم قاسم يعني أنّ الحلم انكسر أو تراجع على الأقلّ لأنّ نبيه بري ليس شخصيةً مسيانيةً أو أبوكالبتية. لكنّ هذا الانكسار أو التراجع لا يبدو في خطاب الخامنئي الشعائري. فأين هو الجمهور الشيعي المتعب والمهجَّر في لبنان والعراق من هذه الشعائرية الباقية؟!

في وعي الجمهورين الإسرائيلي والشيعي تجري المقارنة بين حربي عامَي 2006 و2024. ففي الإعلام والنتائج على النظام اللبناني بدا الحزب آنذاك منتصراً بالفعل. ولذلك يقاتل الحزب هذه المرة بالطريقة نفسها. أما الإسرائيليون فلا يُصْغون لنداءات الحرب المحدودة لا مع الحزب ولا مع إيران، ويستغلّون تفوقهم بطريقةٍ مختلفةٍ وشديدة الفتك.

هل يبقى الصراع صراعاً بين أسطورتين؟ سواء أكان الأمر كذلك أم لم يكن، فإن الحرب - منظوراً إليها من جانب إسرائيل على الأقل - تبدو طويلة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأسطورة عندما تُواجهُ أسطورةً مشابهة الأسطورة عندما تُواجهُ أسطورةً مشابهة



GMT 05:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

يتفقد أعلى القمم

GMT 05:44 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا و«تكويعة» أم كلثوم

GMT 05:43 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

تحولات البعث السوري بين 1963 و2024

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الهروب من سؤال المصير

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الهروب من سؤال المصير

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا والنظام العربي المقبل

GMT 05:41 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 05:41 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

2024... سنة كسر عظم المقاومة والممانعة

GMT 20:41 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الإمارات تدين عملية الدهس التي وقعت في سوق بألمانيا
 صوت الإمارات - الإمارات تدين عملية الدهس التي وقعت في سوق بألمانيا

GMT 20:34 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

ابنة أصالة نصري تتحدث عن معاناة عائلتها في ظل حكم الأسد
 صوت الإمارات - ابنة أصالة نصري تتحدث عن معاناة عائلتها في ظل حكم الأسد

GMT 22:24 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 21:01 2017 الأحد ,01 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار السجائر في الإمارات بعد تطبيق الضريبة الانتقائية

GMT 12:14 2020 الإثنين ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الثور الأثنين 30 تشرين الثاني / نوفمبر2020

GMT 07:44 2019 الجمعة ,06 كانون الأول / ديسمبر

تامر حسني يعلن موعد عرض فيلم "الفلوس"

GMT 12:06 2018 السبت ,13 تشرين الأول / أكتوبر

دندن يبحث سبل تعزيز التعاون مع جمعية الشارقة الخيرية

GMT 16:46 2016 الثلاثاء ,09 شباط / فبراير

تخفيض دائم على سعر جوال "OnePlus 2" إلى 349 دولار

GMT 08:23 2016 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

توزيع جوائز القصة القصيرة بالتعاون مع مؤسسة "بتانة" الثقافية

GMT 11:42 2015 الخميس ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

المصممون يضعوا لمسة "الأهداب" الأنيقة لأحذية الرقبة

GMT 23:56 2015 السبت ,11 تموز / يوليو

الأمطار تغرق المناطق المنخفضة في روالبندي

GMT 07:31 2013 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

"THQ" تُقرر عدم إصدار لعبة "Avengers"

GMT 09:19 2017 السبت ,16 كانون الأول / ديسمبر

واريورز ينتصر على دالاس مافريكس في دوري السلة الأميركي

GMT 08:25 2015 السبت ,14 شباط / فبراير

ظهور ضوء مبهر وصوت هائل في سماء نيوزيلندا

GMT 10:51 2017 السبت ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

أمل رزق تستعد للمشاركة في مسلسل "للحب فرصة أخيرة"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates