هل يمكن استقبال الجديد

هل يمكن استقبال الجديد؟

هل يمكن استقبال الجديد؟

 صوت الإمارات -

هل يمكن استقبال الجديد

بقلم - رضوان السيد

وجدتُ نفسي أضع هذا العنوانَ المتشائمَ للمقالة بعد أن قرأتُ أنّ البرلمان اللبناني فشل في انتخاب رئيسٍ جديدٍ للجمهورية. وسيجتمع البرلمانُ أكثر من مرة قبل انتهاء فترة الرئيس الحالي بعد ثلاثين يوماً من الآن!
ويرجّح العارفون أن لا يتمكن النواب لا في المرة الثانية ولا في الثالثة من انتخاب رئيس، فيحدث فراغٌ رئاسي وتتولى الحكومة الحالية مجتمعةً منصبَ الرئيس مؤقتاً كما حدث مراراً في السنوات العشرين السابقة. وهذا مع العلم أن الحكومة الحالية ناقصة الشرعية لأنها حكومة تصريف أعمال فحسب!
ولماذا هي حكومة تصريف أعمال؟ لعجز رئيسَيْ الجمهورية والحكومة عن الاتفاق على عدد الوزراء لهذا الطرف أو ذاك. وكما يقول شكسبير فإنّ المصائب لا تأتي فُرادى! فإضافةً إلى الانقسام على رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، هناك الأزمة الاقتصادية الساحقة، وانهيار الليرة اللبنانية، وصيرورة نفقات المعيشة خياليةً، وهرب مئات العائلات باتجاه البحر الذي تغرق فيه، وإصرار صندوق النقد الدولي على عدم إعطاء لبنان تسهيلات إلاّ بإجراء الإصلاحات، ولا أمل بالطبع في أي إصلاح، وإلاّ ما حدثت الأزمات المتلاحقة!
وسط هذه الظروف كيف يمكن الأمل باستقبال الجديد! وهذا ليس في لبنان فقط، بل في العراق وسوريا واليمن وليبيا والسودان.. أيضاً. فالعراقيون العاجزون عن تشكيل حكومة بعد انتخاباتهم التي مر عليها عام كامل، فوجئوا بانهمار الصواريخ والمسيَّرات الإيرانية على كردستان، بل وانطلاق أربعة صواريخ من بغداد باتجاه المنطقة الخضراء. الإيرانيون يقولون إنّ إقليم كردستان العراقي يحتضن معارضين أكراداً للنظام الإيراني. وهؤلاء ينكرون ذلك ويردون بأنّ إيران تريد لفت الأنظار عن المظاهرات الصاخبة بالداخل بسبب مقتل الشابة الكردية مهسا أميني! هي أزماتٌ متلاحقةٌ بالعراق أيضاً، في حين تستصرخ الحكومة العراقيين أن يوفروا في المياه خلال هذا الصيف اللاهب بعد أن قطع الأتراك والإيرانيون المياهَ عن العراق، وبالطبع فإنّ الطرفين ينكران ذلك!
وفي سوريا خمدت الآمال بإمكانية اتفاق مع الحكومة السورية. والواقع أنّ الأميركيين (حُماة أكراد سوريا)، والروس أيضاً، لا يريدون مساعدة تركيا على إتمام صفقةٍ هذه المرة، وهم متصارعون في كل مكان، فلماذا يلطّفون الأجواء في سوريا بالذات؟!
وعلى مشارف انتهاء الهدنة بين الطرفين المتصارعين في اليمن، ومساومة الحوثيين على عدم تجديدها، تقدم الحكومة اليمنية كشفاً طويلاً بخروقات الهدنة التي اقترفها الحوثيون في الحُدَيدة وتَعزْ. والمنظمات الإنسانية الدولية تناشد الطرفين والوسطاء من أجل تجديد الهدنة لتمكينها من القيام بعملها، وفي حين توافق الحكومة، يُظهر الحوثيون حرصاً على تقليد إيران في إقامة شرطة للأخلاق في الجامعة والمجتمع!
وفيما تستمر المظاهرات بالسودان من أجل إقامة حكومة مدنية، يصرّح العسكريون أنهم مستعدون للتخلّي عن السلطة إذا قدّمت «قوى الحرية والتغيير» مشروعاً. وقد كثُرت المشاريع، وكل طرف يرفض الطرفَ الآخر، بينما تبقى آلاف الجثث في البرادات تتعفن وتأكلها الفئران، ويخشى الأطباءُ انتشار الطاعون!
وفي ليبيا تتوالى الصدامات مُرةً بين الموالين لكلٍ من الحكومتين من المليشيات. لكن الاشتباكات أيضاً تحصل داخل طرابلس وبين من يفترض أنهم حلفاء. والدوليون –كما في السودان- يستصرخون الجميع للاتفاق على مشروع والذهاب إلى الانتخابات!
لماذا هذا التعداد للمآسي، والذي يتكرر في المقالات؟ لأنه لا منطق من أي نوعٍ فيما يحصل، من بيروت وبغداد وطرابلس والخرطوم وحتى الصومال! البلاد كلها يتفاقم فيها الخراب، ويظهر البؤس في ملامح الناس. والساسة وحدهم هم الذين يظهرون بكامل أناقتهم ويقولون كلاماً كله انتقادات واتهامات لخصومهم. ومنهم مَن تبلغ به الوقاحةُ أن يشتم المليشيات المتصارعة، بينما هو نفسه يملك مليشيا، لكن يبدو أنها خسرت في إحدى الجولات! لا إمكانية لاستقبال الجديد، لأنّ الفساد السياسي هائل، ولأنّ المليشيات معشعشة في كل مكان!
*أستاذ الدراسات الإسلامية- جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل يمكن استقبال الجديد هل يمكن استقبال الجديد



GMT 02:30 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

السادة الرؤساء وسيدات الهامش

GMT 02:28 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

«وثائق» عن بعض أمراء المؤمنين (10)

GMT 02:27 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

من يفوز بالطالب: سوق العمل أم التخصص الأكاديمي؟

GMT 02:26 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

روبرت مالي: التغريدة التي تقول كل شيء

GMT 02:24 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

السعودية وفشل الضغوط الأميركية

GMT 17:40 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تطرأ مسؤوليات ملحّة ومهمّة تسلّط الأضواء على مهارتك

GMT 19:20 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العذراء الأحد 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 15:06 2020 الإثنين ,17 آب / أغسطس

طريقة تحضير ستيك لحم الغنم مع التفاح الحار

GMT 20:28 2018 الأربعاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

غادة عادل تنشر صورتها مع زميلاتها في إحدى صالات الجيم

GMT 22:38 2018 الثلاثاء ,11 أيلول / سبتمبر

الغساني يبدي سعادته بالأداء الذي يقدمه مع الوحدة

GMT 16:15 2015 الأربعاء ,04 شباط / فبراير

"بي بي سي" تطلق موقعًا جديدًا على الإنترنت

GMT 21:06 2021 الإثنين ,26 إبريل / نيسان

طقس غائم وفرصة سقوط أمطار خلال الأيام المقبلة

GMT 20:01 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 06:47 2021 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

ابرز النصائح والطرق لتنظيف السيراميك الجديد لمنزل معاصر

GMT 08:14 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

"أدهم صقر" يحصد برونزية كأس العالم للخيل في باريس

GMT 09:42 2019 الأربعاء ,19 حزيران / يونيو

"بيوتي سنتر" مسلسل يجمع شباب مصر والسعودية

GMT 22:57 2019 الأربعاء ,06 آذار/ مارس

بن راشد يعتمد 5.8 مليار درهم لمشاريع الكهرباء
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates