تجارب الدولة الوطنية العربية

تجارب الدولة الوطنية العربية

تجارب الدولة الوطنية العربية

 صوت الإمارات -

تجارب الدولة الوطنية العربية

بقلم - رضوان السيد

يعود الصراع بين الحكومتين في ليبيا إلى الاشتعال. وهو يجري بالواسطة بين المليشيات الموالية للدبيبة وباشاغا. وكان مجلس النواب المستقر بطبرق قبل عامٍ ونيّف قد أقال حكومة الدبيبة لفشلها في إجراء الانتخابات، واختار وزير الداخلية السابق باشاغا الذي شكّل حكومةً اعترف بها الشرق الليبي ولم يعترف بها الغرب الليبي حيث توجد حكومة الدبيبة في طرابلس.
ومنذ ذلك الحين، حاول باشاغا دخول العاصمة مرتين وصُدَّ عنها. ثم وجد ميلشيات في الغرب الليبي، مستعدةً للقتال من أجله. أما الدبيبة، فسارع للاستغاثة بتركيا من جديد، وزاد العطاء للميليشيات المنتشرة في طرابلس وحولها.
إنّ ما يحدث في ليبيا يحدث مثلُه بالعراق، حيث يدور الصراع داخل «البيت الشيعي» على مَن يتولى رئاسة الحكومة. والآن صار مطلب الزعيم الشعبي مقتدى الصدر استقالة البرلمان أو إقالته، وهو البرلمان المنتخَبُ قبل أقلّ من عام. ومثل ليبيا، فإنّ المليشيات من الطرفين، «الإطار التنسيقي» و«التيار الصدري»، تعود للاشتباك، ولا أحد من الطرفين مستعد للتنازل للآخر في هذا الصيف اللاهب، حيث يستميت العراقيون في طلب الماء والكهرباء، رغم أنّ العراق مثل ليبيا بلدٌ بترولي ثري.
وفي لبنان حكومة واحدة، لكنّ رئيس الجمهورية المُعادي لرئيس الحكومة توشك مدته على الانتهاء (آخِر أكتوبر المقبل)، ولا أمل حتى الآن في قدرة البرلمان على اختيار من يخلفه. ولا مشكلة في سوريا لجهة الرئيس والحكومة، لكنّ الجمهورية مقسّمة إلى أربعة أقسامٍ متعادية. وتحضر على أرضها جيوش وميليشيات روسية وإيرانية وأميركية وتركية. وإسرائيل تنتهك سيادتها كل أسبوع مرةً على الأقل!
وينذر المندوبون الدوليون السودانيين بأنّ استمرار النزاع بين الجيش والقوى المدنية على السلطة يهدد البلاد بالانهيار الاقتصادي والأمني.
وفي اليمن، صراع وحصارات على المدن وبدواخلها. وهناك هدنة متصدعة، والجميع يشكون من الانهيار الاقتصادي والأمني، ويتوقعون انهيار الهدنة بسبب كثرة الخروجات منها وعليها!
ماذا يعني هذا كلّه؟ يعني الفشل في إقامة سلطة وطنية واحدة. وأسباب الفشل معروفة: استعلاء سطوة المليشيات، والتدخلات الأجنبية في كل الدول المضطربة. وحيث بقيت سلطات هامشية مدنية، فإنها تعجز عن التوافق من خلال التنازلات المتبادلة. فالكُلُّ استمتع بطعم السلطة، ويعضُّ عليها بالنواجذ، والناس جميعاً عطشى وجوعى ولا مَنْ يسأل أو يردّ على المناشدات الدولية بالتهدئة والالتفات إلى المشكلات السياسية والسيادية المستعصية.
في النصف الثاني من القرن العشرين وحتى اليوم، أي من حوالي ثلاثة أرباع القرن تمرُّ تجربة الدولة الوطنية في المشرق العربي بتجارب ومِحَن، بدأت بالانقلابات العسكرية، ثم تصدعت السلطة من الداخل، وتمرد عليها المتمردون، وحصلت التدخلات الأجنبية. وقد سمعتُ المفوض الدولي لمكافحة الإرهاب، يقول إنّ «القاعدة» ما تزال موجودة، و«داعش» ما تزال تتحرك وتجد أنصاراً وحواضن!
لا يمكن اعتبار الغزو الأجنبي- باستثناء العراق- سبباً للتصدع الداخلي. وقد حاول مدنيو كل بلدان المشرق العودة للانتخابات. لكن الميليشيات تعطّل فعاليتَها. وما نفعت الوساطات العربية في التوفيق بين المتنازعين بالداخل، ولا في مَنْع التدخلات الخارجية. لقد كنا نخاف من الدولة، وصرنا نخاف عليها، فهي ضرورة وجودية وإنسانية واستراتيجية.
وبالطبع لا مصلحة للمليشيات في إقامتها، لكنّ القوى المدنية في كلٍ من لبنان والعراق وليبيا، وهي صاحبة المصلحة في إقامة السلطة، لا بد أن تقوم بجهدٍ جبارٍ من أجل ذلك. فإعادة الدولة الوطنية أولى الأولويات، ولا بد من نضالٍ من أجل تسليم أطراف النظام بضرورات السلطة الواحدة، وضرورات الخلاص من المليشيات، وهما الأمران غير الحاصلين حتى اليوم!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تجارب الدولة الوطنية العربية تجارب الدولة الوطنية العربية



GMT 02:30 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

السادة الرؤساء وسيدات الهامش

GMT 02:28 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

«وثائق» عن بعض أمراء المؤمنين (10)

GMT 02:27 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

من يفوز بالطالب: سوق العمل أم التخصص الأكاديمي؟

GMT 02:26 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

روبرت مالي: التغريدة التي تقول كل شيء

GMT 02:24 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

السعودية وفشل الضغوط الأميركية

GMT 09:05 2013 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اكتمال أكثر من 80 % من مشروع برزان للغاز في قطر

GMT 17:32 2017 الأحد ,03 كانون الأول / ديسمبر

نيرمين الفقي تظهر في قمة رشاقتها خلال تواجدها في "الجيم"

GMT 12:27 2013 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

شركة أبوظبي الوطنية للطاقة تطور حقلاً في بحر الشمال

GMT 11:22 2013 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

روسيا والصين توقعان اتفاق على شروط شراء وبيع الغاز الطبيعي

GMT 00:58 2016 الأربعاء ,09 آذار/ مارس

منصة " 360"eLearn تطلق البث التجريبي لقسم المدرسين

GMT 11:24 2013 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

السعودية للكهرباء توقع 8 عقود بقيمة 3.1 مليار ريال

GMT 12:50 2019 الأربعاء ,23 كانون الثاني / يناير

عبير منير تكشّف عن طبيعة دورها في مسلسل "كارمن"

GMT 17:29 2018 الجمعة ,05 تشرين الأول / أكتوبر

مضاد حيوي قادر على قتل خلايا سرطان الثدي

GMT 12:59 2013 الإثنين ,16 كانون الأول / ديسمبر

معرض عن الأحلام في لوحات رسامي عصر النهضة في باريس

GMT 20:49 2013 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

حاتم عبد اللطيف ضيف برنامج "كشف حساب"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates