موسكو في ورطة بين حليفين

موسكو في "ورطة" بين "حليفين"

موسكو في "ورطة" بين "حليفين"

 صوت الإمارات -

موسكو في ورطة بين حليفين

بقلم - جورج شاهين

تتبادل مراجع ديبلوماسية وسياسية معلومات عن التحضيرات الجارية للقمة الثلاثيّة لمسؤولي «الأمن القومي» الأميركي والروسي والإسرائيلي المقرَّر عقدُها في القدس نهاية الشهر الجاري، والتي سيُبنى عليها كثير من التفاهمات التي يمكن أن تحكم المرحلة المقبلة. ومن هذا الباب بالذات رصد ديبلوماسيون حركة الموفدين الروس الى بيروت، لفهم موقف موسكو ممّا هو مطروح في شأن لبنان والمنطقة. فكيف عبّر الروس عن رؤيتهم؟

في إقتناع مراجع ديبلوماسية انّ زيارة الوفد الروسي برئاسة الممثل الخاص للرئيس فلاديمير بوتين إلى سوريا ألكسندر لافرنتيف ليست محصورة بتسليم لبنان الدعوة الى لقاء أستانة بصفة مراقب في تموز المقبل، ومناقشة الجديد على مستوى المبادرة الروسية لإعادة النازحين السوريين الى بلادهم.

وفي رأي الجميع ان مهمة تسليم لبنان الدعوة الى استانة لم تكن دافعاً اساسياً لزيارة وفد بهذا المستوى الرفيع لبيروت، وكان بالإمكان تسليم هذه الدعوة عبر القنوات الدبلوماسية المفتوحة بين البلدين. ولم يطرأ جديد على المبادرة الروسية لإعادة النازحين يمكن أن يؤشر الى ايّ خطوة جديدة قابلة للتنفيذ. فما أعاق انطلاقتها من أسباب مادية وسياسية ما زال قائماً حتى اليوم وليس هناك ما يدل على توافر الدعم الذي تطالب به القيادة الروسية.

ولذلك تعترف مصادر ديبلوماسية أن الوفد الروسي يسعى من جولته الشرق أوسطية لتحضير لملف متكامل يحمله مسؤول الأمن القومي الروسي نيكولاي باتروشيف الى قمة القدس التي ستجمعه ونظيريه الاميركي والإسرائيلي جون بولتون ومائير بن شابات، وهي قمة فرضتها تطورات المنطقة وما بلغته العقوبات الأميركية على طهران وحلفائها بعد مجموعة الأحداث في بحر عمان وميناء الفجيرة وخط انابيب النفط في السعودية.

وعليه، فقد ظهر جلياً من الأسئلة التي طرحها الوفد الروسي على القيادات اللبنانية أنه مهتم بـ «مشاريع التسوية» في المنطقة على هامش البحث في الملفات الأخرى التي تعني اللبنانيين ولا سيما منها تلك المتصلة بدعوة لبنان الى المشاركة مراقباً في مؤتمر أستانة، والمبادرة الروسية لإعادة النازحين السوريين.

وكشفت مراجع سياسية وديبلوماسية انّ الموفد الروسي كرر تأكيد مبادرة بلاده في شأن عودة النازحين وتصميمها على المضي فيها الى ما شاء الله، والسعي الى تفكيك العقد والعوائق التي حالت دون انطلاقتها. فالجهد الذي بذلته موسكو وجنّدت له سفاراتها في سوريا ودول الجوار وأكثر من 41 دولة حول العالم انتشر فيها اللاجئون السوريون، لن يذهب هباءً وهي تدرك أن لا مفر من الآلية المقترحة لإعادة اكثر من سبعة ملايين سوري ينتشرون في العالم، عدا عن تلك التي تتناول مصير نحو ستة ملايين نازح ضمن الأراضي السوريّة في هجرة داخلية قسرية قبل أن تؤدي العمليات العسكرية التي ما زالت مستمرة في بعض المحافظات الى عدد إضافي من النازحين فاض عن 750 الفاً منهم 200 ألف في الأشهر الثلاثة الأخيرة.

وأضافت هذه المراجع أنّ الموفد الروسي راح بعيداً في البحث عن الرؤية اللبنانيّة لشكل الحلول المقترحة للإنتقال بالملف السوري من المعالجات العسكريّة والأمنية، التي يبدو أنّ بعضها عبثي ومن الصعب بلوغه في ظل موازين القوى القائمة اليوم. وإنّ الإنتقال الى المنحى السياسي والديبلوماسي ما زال صعباً إن لم يكن مستحيلاً. ولم ينسَ الوفد أن يكون لملف ترسيم الحدود البرّية والبحريّة مع اسرائيل حيزاً في الزيارة، فوجّه الى المسؤولين بضعة أسئلة عمّا آلت اليه الوساطة الأميركية وما يمكن روسيا أن تقوم به على الجانب الشمالي من الحدود البحرية مع سوريا، فالروسي شريك ثالث في التنقيب عن الغاز والنفط اللبناني في البلوكات الجنوبية الى جانب شريكيه الفرنسي والإيطالي.

والى هذه الملاحظات بدا الوفد الروسي مصرّاً على فهم التصوّر اللبناني للحلّ الممكن تطبيقه في سوريا والمنطقة، فأوغل في الأسئلة عن الإحتمالات التي يمكن ان تقودها روسيا ومعها دول مسار أستانة في مواجهة الخطط الأخرى لدول الحلف على الإرهاب، الذي تتزعمه الولايات المتحدة الأميركية.

ومن هنا فهم المسؤولون اللبنانيون الإصرار الروسي على فهم وجهات النظر لدى دول الجوار السوري، إذ إنّ مهمة الوفد محصورة بلقاء المسؤولين في بيروت وعمان وبغداد ودمشق، فيما يتوزع ديبلوماسيون آخرون على عواصم أخرى سعياً الى تكوين رؤية روسيّة شاملة يحملها مسؤول الأمن القومي الروسي الى قمة القدس كمحطة اساسية، يوليها الرئيس الروسي فلاديمير بويتن أهمية بغية تأمين التوازن المفقود مع حليفته التاريخية اسرائيل وحليفته الموقتة في سوريا ايران، فهو في موقع لا يُحسد عليه بين حليفين يتبادلان العداء في ما بينهما ولا يمكنه إرضاؤهما معاً في سوريا والمنطقة.

وعليه تنتهي المراجع الديبلوماسية الى انّ الوفد الروسي سينجز مهمته ويغادر بيروت من دون ان يحقق اي اي إنجاز يطمح اليه لبنان. فليس لديه ما يشفي غليل اللبنانيين سوى ضمهم الى مسار أستانة وهو امر يرغب به لبنان منذ سنوات، وسبق لمؤتمرات عدة أن أوصت بالمشاركة اللبنانية ولو كمراقب قبل التفاهم على هذه الخطوة في القمة الروسية - اللبنانية التي عُقدت مطلع السنة في موسكو. فلا يجب أن يكون لبنان غائباً عن هذا المسار لئلّا يفوته شيء ممّا هو مطروح في غيابه، على رغم من إدراكه انّ الحلول النهائية تُرسَم خلف هذه المؤتمرات وفي غرف مغلقة، ولكن تجربة المشاركة الأردنية في هذا المسار قبلاً أهّلت المملكة لتكون حاضرة فيه. وإذا لم يجنِ لبنان منها شيئاً سريعاً في الوقت الراهن فلن يعرف ما سيكون عليه المستقبل.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

موسكو في ورطة بين حليفين موسكو في ورطة بين حليفين



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 18:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 صوت الإمارات - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 18:59 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 صوت الإمارات - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 19:13 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
 صوت الإمارات - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 19:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
 صوت الإمارات - "نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 18:09 2018 الثلاثاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

تصميمات مختلفة لسلاسل من الذهب رقيقة تزيدك أنوثة

GMT 11:26 2018 الجمعة ,19 كانون الثاني / يناير

الصين تتسلم الدفعة الأولى من صواريخ "أس-400" الروسية

GMT 16:28 2017 الجمعة ,20 كانون الثاني / يناير

تسمية بافوس القبرصية عاصمة للثقافة الأوروبية

GMT 18:36 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تنجح في عمل درسته جيداً وأخذ منك الكثير من الوقت

GMT 12:16 2020 الإثنين ,01 حزيران / يونيو

تجنّب أيّ فوضى وبلبلة في محيطك

GMT 17:14 2019 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

بن راشد يُصدر مرسوماً بضم «مؤسسة الفيكتوري» إلى نادي دبي

GMT 01:20 2019 السبت ,20 تموز / يوليو

نبضات القلب المستقرة “تتنبأ” بخطر وفاتك!

GMT 02:41 2019 السبت ,05 كانون الثاني / يناير

"الفاتيكان" تجيز استئصال الرحم من المرأة لهذا السبب فقط

GMT 23:19 2013 الأربعاء ,12 حزيران / يونيو

"Gameloft" تستعرض لعبة "Asphalt"بهذا الصيف

GMT 13:12 2013 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

معرض الكتاب الكويتي منصة متميزة لأصدارات الشباب الأدبية

GMT 09:48 2013 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

الإذاعة المِصرية تعتمد خِطة احتفلات عيد "الأضحى"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates