بقلم - محمد اليامي
يسألني قراء وأصدقاء وزملاء عمل، هل نشتري مسكنا أم ننتظر انخفاض أسعار العقار؟ وإجابتي الثابتة أن الباحث عن سكن هو باحث عن استقرار، وعن مكاسب اجتماعية ونفسية لعائلته تقل كلما تأجل الأمر، فضلا عن أن التأجيل يعني البقاء في الإيجار، وأحيانا يكون الانخفاض - إذا حدث - خلال فترة أقل من قيمة الإيجار، وأن من يشتري ليسكن ليس كمن يشتري ليستثمر.
اليوم هناك عوامل وعلامات كبيرة تقول للمتردد، اشتر مسكنا إذا استطعت، استفد من منتجات وزارة الإسكان أو جهات التمويل إذا كنت مستحقا وقادرا، لأن الواضح أن الأسعار لن تنخفض لسبب بسيط، أن هناك ازدهارا، ونموا، وأحلاما كبرى للعاصمة الكبرى، ولبقية مناطق المملكة، فالطلب إذن إلى ارتفاع، وهذا يعني أن الأسعار بين الثبات والارتفاع ولن يحدث الانخفاض الذي ترجوه، وأرجوه لك بالطبع، لكن قوة الطلب هي المحدد الأساس.
نحن اليوم في السعودية بصدد صناعة أماكن جديدة، أكبرها وأشهرها مدينة نيوم، وإعادة صناعة أماكن قائمة، أكبرها وأهمها وأشهرها مدينة الرياض. وصناعة الأماكن مفهوم عميق وممارسة ليست سهلة، لأنها تتعاطى مع القيمة الجمالية والمعاني الاجتماعية، إضافة إلى تأثيرها الاقتصادي.
عندما تتطور أنماط المعمار كل فترة، لتصبح جزءا من الاهتمام بالمظهر والصورة البصرية للعناصر التصميمية للمكان، تتطور معها الطريقة التي يستخدم بها الناس المكان بصورة فاعلة ومتنوعة، وهذا ما يجعل أي مكان جزءا من الذاكرة الجمعية للمجتمع، وكل ذلك متأت في مدينة عريقة وكبرى مثل الرياض، وكل هذا يعني أنها ستصبح ضمن أهم خمس أو عشر مدن في العالم، ومن سمات هذه المدن ارتفاع تكاليف معيشتها، بما في ذلك أسعار السكن فيها، سواء كان مملوكا أو بالإيجار.
لا أريد إثارة هواجسك، فالمعادلة أن أي مدينة تصبح عملاقة ومن كبرى مدن العالم وتشهد تطورات وقفزات متلاحقة، ستكون فيها الفرص أكبر، ويفترض أن ذلك يرفع مستويات الأجور للموظفين، والأرباح للمستثمرين، فيكون هناك توازن إلى حد ما، لأن التوازن الكامل صعب المنال.
باستشهاد بسيط، رأينا أكثر من 20 رئيسا تنفيذيا لشركات عالمية يوقعون اتفاقيات مع وزير الاستثمار والرئيس التنفيذي للهيئة الملكية لمدينة الرياض، لفتح مقارها الإقليمية في العاصمة الرياض أثناء عقد "مبادرة مستقبل الاستثمار"، وهذا يعني أن موظفين وقياديين جدد سيفدون إلى الرياض وسيستأجرون أو يشترون مساكن، فيغذون الطلب، لكنه أيضا يعني أن مئات فرص العمل النوعية ستتاح، وهذا يعني فرصا جديدة لسكان المدينة أو من ينوون السكن فيها