بقلم - محمد اليامي
كثير من الجهات الحكومية تعلن رسميا طلبها آراء الناس المستفيدين من خدماتها أو العاملين في قطاعها، أو أيا كانوا، تحت مسمى "مرئيات العموم"، وهي تعد إحدى الممارسات الجيدة والحضارية، وفيها تطبيق لمبدأ "شورى بينهم"، فضلا عن أن فيها تقليلا لسلبيات أي قرار أو اتجاه جديد، وبالتالي فيها توفير للزمن والمال، وزيادة في الاستفادة من كل خطوة تنموية أو تنفيذية.
إحدى أهم تبعات الجائحة تأثيرا في المجتمع، وربما في المستقبل، هي التأثير في التعليم، وفي الوظائف، أو في العمل، ولعل التعليم بما أنه يمس الشريحة الأكبر ويتعلق أكثر بالمستقبل، يعد أهم لكل أسرة، لأنه عامل مهم في تحديد مستقبل أبنائها.
وزارة التعليم صرحت حول الدراسة في المستقبل، وأنها "ستستمر حتى بعد انتهاء أزمة كورونا في المملكة"، وعن "تعليم مدمج" قد يتم في المستقبل، والمعنى هو الدمج بين التعليم حضوريا، والتعليم عن بعد، والوزارة لم تكشف كثيرا حول خططها، إن كان هناك خطط، أو نياتها، إن كانت المسألة أفكارا تتداول في أروقتها.
تمنيت أن تقوم وزارة التعليم بأخذ مرئيات العموم علنا، مرئيات منسوبيها، ومرئيات الأمهات والآباء، بل حتى شرائح منتقاة أو مصنفة من الطلبة، ومعهم جهات أحسبها ذات علاقة، مثل المتخصصين الأكاديميين في التعليم، وعلم الاجتماع، وعلم النفس، وربما جهات لها ثقلها وأهميتها وعلاقتها بالموضوع، وهي كثير.
نعلم بأن الطلاب عندما يعودون إلى المدارس، لن تكون الدراسة كما كانت أبدا، شأنهم شأن كل من غاب خلال الجائحة وعاد، بل ربما شأن كل من يغيب طويلا ويعود، ونتوقع أن هذا العام الذي تمت الدراسة فيه عن بعد، غير مفاهيم كثيرة عن التعليم، والمعلم، والمناهج، وعن العلاقة الفيزيائية بالتعليم.
القضية ليست فقط استثمار التقنية، فهناك ما هو أعمق، فالمدارس على مر التاريخ، وستظل فترة طويلة، تتكون من "كيمياء" بين الأطفال، وبينهم وبين معلميهم ومعلماتهم، وثقافة مكان التعلم التي تأتي من تفاعلهم، وهذه أشياء يفتقدها التعليم عن بعد كما افتقدها العمل عن بعد.
تبدو فكرة التعليم المدمج مغرية ومتوائمة مع المستقبل، لكن يجب أن يعرف الجميع ما الخطة، فهناك قرارات على المحك، فبعض الأسر قد تغير من التعليم الأهلي إلى الحكومي، أو العكس، تبعا لتجربتها خلال الجائحة، وبعض المستثمرين في القطاع لديهم خطط توسع أو تقليص يجب اتخاذ القرار فيها، وكل ما يرتبط بالتعليم من أعمال مباشرة أو غير مباشرة ينتظر وضوح الرؤية ليبني قراراته بناء على ذلك.
نتمنى مزيدا من الوضوح لنتخذ قراراتنا.