بقلم - محمد اليامي
و" هو طريقة علاج تعتمد على الوهم أو الإيحاء للمريض، أي إعطاؤه مواد غير فعالة، أو إخضاعه لإجراءات وهمية، فيتأثر بالإيحاء، وهذا النوع من العلاج له مؤيدون ومعارضون في عالم الطب، وهناك أبحاث وكتب حول الموضوع تثبت أو تنفي هذه الطريقة.
يعتقد أن الدواء الوهمي يؤثر عبر التأثير الذهني أو لعله العقلي للشخص، الأمر الذي ينعكس بيولوجيا عليه أو على التفاعلات الكيماوية والفسيولوجية في جسده، أي أن الشخص يكون لديه قناعة مسبقة أو تصور ذهني أنه عندما يتعاطى العلاج أو يقوم بإجراء معين سيتحسن، ولذلك يشعر بتحسن، والعكس صحيح أيضا، فإذا كان يعتقد أن هذا الدواء سيؤدي لمضاعفات سيشعر بها.
يبدو لي أن الأمر ليس فقط في الطب، بل في أمور أخرى، وأشهر قصة إيحاء درسناها في التاريخ هي قصة المرأة الفقيرة التي سألها عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - عما تطبخ في قدرها فأخبرته أنها تضع الحصى والأحجار لتوهم صغارها بأنها تطبخ لهم الطعام حتى يغلبهم النعاس ويناموا.
أحسب أن هناك "بلاسيبو" اتصالي في المجال الإعلامي والإعلاني، أخبار أو معلومات ظاهرها يوحي بتأثيرات كبيرة، أو يستدل بها على إنجازات معينة، وهي لا تعدو كونها لعب بالكلمات، وترسيخ لحقائق هي ليست كاذبة، لكنها تعطى أكبر من حجمها، وتستخدم للاستدلال على منجزات معينة هي في الحقيقة إنجازات صغيرة يتم تكبيرها بالصياغة الخبرية المبالغ فيها.
وبالمثل هناك إعلانات موسمية توحي للناس بضرورات معينة ليست سوى إيحاء تكرس مع الزمن، وهذه الأيام نعيش أكبر مواسمها، حيث "الإيحاء" للناس أن لشهر رمضان المبارك الذي سيحل علينا بعد أقل من أسبوع - بلغكم الله وإياي وتقبل من الجميع - ضرورات استهلاكية قائمتها طويلة جدا، ومع مرور الأعوام، تكرست لدى الكثيرين فكرة أن بعض المشتريات جزء من أجواء الشهر، وهي بالطبع ليست كذلك.
هذا لا يعني أن ليس هناك ما يرتبط بالشهر، ولكن القائمة الأساسية المرتبطة بطقوسه صغيرة وواضحة وأفضل مثال لها التمر أو الرطب وغيرهما ممن يقع في حكمهما أو يرتبط بعادات وأسلوب حياة كل منطقة أو عائلة.
الأمر ليس في حرمان المقتدرين من الاحتفاء الاستهلاكي بالشهر إذا أرادوا ذلك، أراه يتجاوز إلى إحباط غير القادرين من الفقراء ومحدودي الدخل ممن تضغط عليهم الآلة الإعلانية، والزخم الاجتماعي المتأثر بهذه الآلة، فيحس أحدهم بالنقص أو الحرمان أكثر، والمفارقة أن من حكم الصوم الإحساس بالفقراء والجائعين والمحرومين.
فلنرفق بأنفسنا، لنستطيع الرفق بالمحتاجين.