بقلم - محمد اليامي
عندما خاضت السعودية اختبارات "بيسا" الدولية PISA للمرة الأولى قبل أكثر من عامين، كتبت أن "هناك رغبة قوية في معرفة الحقيقة، حقيقة مستوى التعليم العام في السعودية".
واختبارات "بيسا" تركز على ثلاثة مجالات أساسية، هي القراءة، الرياضيات، والعلوم، وتقام الاختبارات كل ثلاثة أعوام، ولا يتعلق الأمر باختبارات في المناهج الدراسية، بل بقياس مهارة حل المشكلات في تلك المجالات، دون تركيز على محتوى المناهج الدراسية المتعلقة بها.
قبل أيام، أعلنت هيئة تقويم التعليم والتدريب نتائج طلبة المملكة في اختبارTIMSS 2019 في الرياضيات والعلوم للصفين الرابع الابتدائي والثاني المتوسط، الذي تنظمه الجمعية الدولية لتقييم التحصيل IEA في أكثر من 60 دولة حول العالم، ونفذته الهيئة بالشراكة مع وزارة التعليم، وشمل أكثر من 11 ألف طالب وطالبة يمثلون مختلف مناطق المملكة.
بعد الإعلان قرأنا تصاريح كثيرة من لدن وزارة التعليم، وتقارير صحافية وانتبهت لعناوين مهمة مثل، "الطلاب حققوا تحسنا طفيفا مقارنة بـ2015" و"للمرة الخامسة.. تحصيل طلاب المملكة دون المتوسط الدولي"، والخميس الماضي كان أكثر ما يثير الانتباه تصريح وزير التعليم، "التقدم السعودي الدولي في TIMSSعظيم ولا يقلل منه عاقل".
سأعد نفسي عاقلا، ولن أقلل من التقدم الذي تحقق، بل سأشير إلى تقدم آخر في مسيرة تطوير التعليم الطويلة والصعبة وهو إقرار تدريس الفلسفة والتفكير الناقد، والتفكير الناقد يحتاج إلى عقل ناقد، وإلى المقارنات والأسئلة، سواء كانت الأسئلة البديهية التي حرمنا منها لفترة من الزمن، أو تلك العميقة التي تصدر عن متأمل.
هذه الاختبارات ليس فيها ربح أو خسارة، لكن هناك تقييما يمكن الاتكاء عليه لمعرفة مستوى التعليم في البلاد، وإذا كانت "الرؤية السعودية" تروم تطورات نوعية في نسب التفوق المبني على الفهم وليس الحفظ، والمبني على الإبداع وليس الاستنساخ، فإن هذه الاختبارات تعد خطوة مهمة، لأنها تقدم التقييم الذي لا يجامل أحدا، ولا يحمل أي نوع من الأجندات.
على الوزارة ألا تبحث عن عناوين في الصحف والأخبار، بل عن قياس الوضع الحقيقي للمستوى التعليمي، من أجل معرفة نقاط القوة والضعف، ومن ثم القيام بتصحيح الأوضاع، وهذا ما نريده، ونحتاج إليه لتحقيق التطور المأمول، وتنفيذ أحلامنا بأيدي أبنائنا.
النقاش بتفكير نقدي في الاتجاهين يمكن أن يرتكز على سؤال: هل التطور بين نتائج 2015 ونتائج 2020 "عظيم" أم "طفيف" قياسا بالزمن الذي استغرقه، وقياسا بالتطور في مؤشرات أخرى في البلاد خلال الفترة نفسها؟