العهر السياسي لن ينجو هذه المرة

"العهر السياسي" لن ينجو هذه المرة

"العهر السياسي" لن ينجو هذه المرة

 صوت الإمارات -

العهر السياسي لن ينجو هذه المرة

بقلم - فهد الدغيثر

ذهلت عند سماعي وزير خارجية إيران جواد ظريف قبل أسبوع وهو يقول أنه لم يعد متحمساً لتلقي اتصالات هاتفية من وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو لأنه يتعمد إهانته. لم يشعر الوزير ظريف بالإهانة كما يبدو وبلاده تحاصرها المقاطعة الأميركية التي لم تعد تسمح لإيران بتصدير أي شيء أو تحويل أي مال للخارج، لم يشعر ظريف بالإهانة والقطع البحرية الأميركية تقف قبالة شواطئ إيران الغربية وتراقب طائراتها الاستطلاعية كل ما يحدث داخل إيران، هل يعقل أن ظريف لا يشعر بالإهانة عندما يتم تدمير معسكرات ومنشآت إيران وميليشيا "حزب الله" المكشوفة داخل الأراضي السورية بواسطة المقاتلات الإسرائيلية ليس مرة واحدة بل لعشرات المرات وبالصور المعلنة على العالم؟!

بالمناسبة، الوزير ظريف قد يكون الوحيد الذي يشعر بالإهانة بالفعل لأنه ينتمي لفئة "التكنوقراط" القلائل في حكومة رؤيتها المستقبلية الاحتفاء بخروج المهدي المنتظر. ظريف تلقى تعليمه من الثانوية حتى حصوله على الدكتوراه في العلوم السياسية متنقلاً بين جامعات مدينتي سان فرانسيسكو ودنفر في الولايات المتحدة، بمعنى أن الرجل يملك من العلم والإدراك القدر الكافي للحكم على الأشياء وتحديد الحديث المهين. وقد يكون ذلك هو السبب خلف استقالته من منصبه قبل شهرين ثم إرغامه على البقاء من جديد بالقوة.

لنبتعد قليلاً عن إهانة الوزير ظريف ونتساءل عن كرامة القيادات الإيرانية منذ ثورة الخميني؛ متى شعر أي قيادي إيراني بالعزة والكرامة والشرف بدءاً من مواجهته للعراق وتضحية حكومتهم بأمواج بشرية من الأطفال الأبرياء لجبهات القتال، مروراً بمحاولاته الفاشلة لإحداث الفوضى في مواسم الحج وفي البحرين، والتدخلات العدوانية التي أسهمت في قتل آلاف الأبرياء في سورية وانتهاء وقد يكون آخراً في مناصرته ودعمه الانقلابيين الحوثيين في اليمن؟ من يملك معلومة تفيد بأي انتصار لإيران في أي محفل دولي أو حدث على سطح الأرض فليقدمه لنا؟ أنا حقيقة لا أذكر أي إنجاز عسكري أو سياسي أو ثقافي أو حتى رياضي يمكن أن يقال بأنه إيراني الصنع. معظم أبناء وبنات الصفوة ممن تلقوا التعليم الأفضل في بعض المؤسسات التعليمية في إيران هجروا بلادهم واستوطنوا في أوروبا وأميركا الشمالية، إذ يقدر عددهم بما يزيد عن ستة ملايين مهاجر يزداد عددهم سنوياً بما يقرب من ١٥٠ ألفاً، معظم دول العالم ترى إيران بعيون الشك والريبة ولا يمكنها "تغليب" إحسان الظن مع سلوك ومراوغات نظامها الحاكم.


ليت الأمر يتوقف عند الإهانة ورفضها أو التغاضي عنها، لكنه تطور إلى ما سمّاه الدكتور خالد الدخيل الكاتب في هذه الصحيفة، في تغريدة له قبل أسبوع، "العهر السياسي" تعليقاً على عرض إيران توقيع معاهدات صلح وعدم اعتداء مع دول الخليج. لم يأت هذا العرض بالطبع إلا بعد العقوبات الاقتصادية والحضور العسكري في مياه الخليج وشواطئه. هل يتوقع عاقل أن تلتزم إيران بوعود كهذه؟! الرئيس روحاني وتحت الضغوط الداخلية والدولية أسس ما سمي بـ "ميثاق حقوق المواطنين" في نهاية العام ٢٠١٦، لكنه لم يطبق داخلياً حتى الآن، علماً بأنه لمصلحة الإيرانيين. السبب في ذلك وغيره أن من يحكم إيران ليس روحاني ولا ظريف ولا حكومتهم المعلنة، بل مجموعة من المجانين الراكعين تحت أقدام المرشد. أقصد بذلك المؤدلجين بين نظرية خروج المهدي المنتظر وبين حلم إحياء "إمبراطورية" فارس.

يرى معظم المراقبين أن إيران لن تفلت هذه المرة من العقوبات. الأدلة على تورطها في الإرهاب ودعم المتطرفين من سنة وشيعة لم تعد محل جدل ومناقشات، سيواجه هذا "النمر الكرتوني" المصير المحتوم المتمثل بفشل المشروع الذي أتى مع الخميني. نعم، امتد العمل على ذلك لنصف قرن بسبب ثروات إيران وقدراتها المالية وما كان له أن يستمر إلى هذا الوقت لولا ذلك. مع المقاطعة الصارمة والحصار الاقتصادي والسياسي الذي بدأ مع تمزيق وثيقة "الاتفاق النووي"، أصبحت أيام النظام معدودة. الشعب الإيراني سيثور على رغم لجوء الملالي وكالعادة لخلق أزمات وفتح جبهات مواجهة في سبيل إرغام الشعب على الوحدة والوقوف مع الحكومة، لكنهم هذه المرة لن ينجحوا.

حاولت الاستعانة بمحتوى تقرير منظمة حقوق الإنسان الدولية عن إيران للعام ٢٠١٨ لإلقاء بعض الضوء على ما يحدث في الداخل الإيراني وهو متوافر على شبكة الإنترنت، لكنني حقيقة لم أتمكن من النقل لأن ذلك سيضاعف عدد كلمات هذه المقالة إلى الآلاف. يتحدث التقرير عن كوارث لا حصر لها، متمثلة بالقتل والتعذيب والاعتقالات التعسفية وحرمان المرأة من حقوقها وميراثها وانتشار المخدرات بين الأطفال. جمهورية مزيفة بامتياز تعتمد على القمع والتعذيب ضد أي مناداة للإصلاح. حكومة روحاني وانتخاباتها "الديموقراطية" شكلية لا تملك من أمرها شيئاً مع وجود وتسلط الحرس الثوري بقيادة المرشد.

أختتم بخلاصة مقالتي الأخيرة في هذه الصحيفة والتي كانت بعنوان: "إيران.. انتهاء الحلم؟" عندما أشرت إلى أن هذه الدولة المارقة تخوض الحرب منذ وصول الخميني ولم تتوقف قط، في كل يوم لها عدو وعندما لا يتوافر فهي تختلقه. السلام والهدوء والعجز عن دعم الوكلاء مثل "حزب الله" و"الحشد الشعبي" في العراق و"جماعة الحوثي" في اليمن بسبب إفلاس الخزينة المالية سيسقطها، ستنكشف هلامية هذا الكيان وفشله الذريع في بناء وطن وحضارة وتنمية لطالما انتظرها الملايين من الشعب الإيراني الخلّاق الذي كغيره من شعوب العالم لا يتطلع إلا إلى الحرية والكرامة ورغد العيش والازدهار.

المصدر :

جريدة الحياة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العهر السياسي لن ينجو هذه المرة العهر السياسي لن ينجو هذه المرة



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 18:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 صوت الإمارات - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 18:59 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 صوت الإمارات - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 19:13 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
 صوت الإمارات - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 19:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
 صوت الإمارات - "نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 18:09 2018 الثلاثاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

تصميمات مختلفة لسلاسل من الذهب رقيقة تزيدك أنوثة

GMT 11:26 2018 الجمعة ,19 كانون الثاني / يناير

الصين تتسلم الدفعة الأولى من صواريخ "أس-400" الروسية

GMT 16:28 2017 الجمعة ,20 كانون الثاني / يناير

تسمية بافوس القبرصية عاصمة للثقافة الأوروبية

GMT 18:36 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تنجح في عمل درسته جيداً وأخذ منك الكثير من الوقت

GMT 12:16 2020 الإثنين ,01 حزيران / يونيو

تجنّب أيّ فوضى وبلبلة في محيطك

GMT 17:14 2019 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

بن راشد يُصدر مرسوماً بضم «مؤسسة الفيكتوري» إلى نادي دبي

GMT 01:20 2019 السبت ,20 تموز / يوليو

نبضات القلب المستقرة “تتنبأ” بخطر وفاتك!

GMT 02:41 2019 السبت ,05 كانون الثاني / يناير

"الفاتيكان" تجيز استئصال الرحم من المرأة لهذا السبب فقط

GMT 23:19 2013 الأربعاء ,12 حزيران / يونيو

"Gameloft" تستعرض لعبة "Asphalt"بهذا الصيف

GMT 13:12 2013 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

معرض الكتاب الكويتي منصة متميزة لأصدارات الشباب الأدبية

GMT 09:48 2013 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

الإذاعة المِصرية تعتمد خِطة احتفلات عيد "الأضحى"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates