من الحلم إلى الواقع

من الحلم إلى الواقع

من الحلم إلى الواقع

 صوت الإمارات -

من الحلم إلى الواقع

فهد الدغيثر
بقلم - فهد الدغيثر

سأركز الحديث فقط على الأهداف المستقبلية المعلنة لقيمة صندوق الاستثمارات العامة. صدق الأمير محمد بن سلمان ولي عهد المملكة العربية السعودية عندما أشار في حديثه قبل يومين مع رئيس الوزراء الإيطالي السابق السيناتور ماتيو رينزي إلى تساؤلات البعض عن كيفية تحقيق أهداف أرقام الأصول في صندوق الاستثمارات العامة الطموحة في الفترتين القريبتين 2025 و2030، وأنا من هؤلاء. غير أن الشرح الذي تلا ذلك وألقى الضوء على آلية تحقيق هذه الأهداف أزال الغموض.

الأمير تحدث من بين عدة نقاط مهمة عن اصول جديدة يملكها الصندوق ولم يتم احتساب قيمتها حتى اليوم، منها مشاريع: نيوم، والقدية، والبحر الأحمر، ومدن صناعية نموذجية، وحدائق كبرى في عدة مدن، بمعنى آخر أي أرض تملكها الدولة ويمكن إحياؤها وتحويلها إلى قيمة معتبرة مستقبلاً.

في السابق كانت معظم هذه الأصول «الأراضي» تمنح مجاناً للبعض كهبات، ثم يتم بيعها على تجار العقارات بأرخص الأثمان؛ كونها «خاماً»، وربما خارج النطاقات العمرانية في ذلك الوقت، يتم تخطيطها في ما بعد بأدنى معايير الجودة ثم تباع على المستفيد النهائي من مواطنين كقطع سكنية، ورجال أعمال كمناطق تجارية، لكنها تتحول إلى عبء على الحكومة بسبب انعدام بناها التحتية قبل التطوير.

اليوم توقفت المنح وما صاحبها من فوضى وتخبط، وباستثناء منح المواطن قطعة أرض مجانية للسكن، لم نعد نسمع عن الأراض المليونية والشواطئ الطويلة التي سادت قبل عقود. لكم أن تتخيلوا لو لم تذهب تلك الملايين من الأمتار بتلك العشوائية، خصوصاً القريبة والمهمة للمدن، كم كان سيتحقق لملكية الدولة من أصول وأموال كقيمة نقدية عندما يتم إحياء تلك الأصول بطرق حديثة ومدروسة.

هذا المفهوم الجديد لقوة ومتانة الاقتصاد في المملكة، وأقصد تثمين الأصول، يعني استبدال مفهوم اللجوء إلى القيمة الكلية للبلاد من معدلات الناتج المحلي إلى أرقام أخرى. هذا بالمناسبة ما يعزز الدولار الأمريكي ويبدد بعض المخاوف عند الحديث عن دين أمريكا العام والذي يقترب من 30 ترليون دولار، وهذا أعلى من الناتج المحلي هناك بمرة ونصف.

قيمة الولايات المتحدة في الحقيقة من الأصول سواء العينية أو البشرية والملكية الخاصة، سواء ما تم اكتشافه أو ما هو محسوب للمستقبل، يتجاوز مئات الترليونات من الدولارات. يعزز هذه القيمة بالطبع -وهذا مهم جداً- استقرار البلاد ووجود الأنظمة والدساتير والحقوق ووضوح الأنظمة، وما يصاحب ذلك من مرونة عند الحاجة لتعديل أي تشريعات.

في المملكة، تتوفر الأصول، والعقول، والجغرافيا، والثروات تحت الأرض، والإرادة، والقوة الاستهلاكية، وقبل ذلك الاستقرار السياسي والأمن. الفارق المتبقي -وهذا ليس من وجهة نظري فقط بل هو رأي دراسات منها دراسة للبنك الدولي- هو حاجة المملكة إلى الإسراع في تذليل ضبابية الكثير من الأنظمة والتي تكفل حقوق المستثمر والمستهلك، وتحقق الطمأنينة والسرعة في الوصول إلى الأحكام لحل الخلافات عندما تبرز.

أدرك كمواطن سعودي أن هذه الخطوة معقدة، ولولا ذلك لانتهينا منها في ولاية المغفور له الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وهو الذي دفع أكثر من مرة إلى سرعة الانتهاء من مشروع تقنين القضاء، غير أن هذا المشروع في النهاية سيتم الانتهاء منه وسيظهر للعلن قريباً وسيشكل دفعة قوية لجذب الاستثمارات ورفع قيم الأصول الوطنية بتفرعاتها في المملكة.

الإحياء -بكسر الألف- يعني التأسيس لحياة جديدة، والتي مع ازدهارها ترتفع قيمتها عندما يتواجد الناس من حولها وتتطور معدلات إنتاجهم ومداخيلهم، ويتم صقل المواهب وتبرز الابتكارات، والمحصلة في النهاية علو كعب المجتمع والدولة تنافسياً.

نعم في المملكة بنى تحتية ضخمة في معظم المدن، وتوجد طبيعة أبهرت حتى سكان المملكة، وزراعة، وماء، وصحراء ساحرة، وهي العوامل الخام التي تحتاج أي مشاريع تنموية تمكّن من الاستفادة منها.

هذه التفاصيل المهمة وأقصد التنموية، تدفع بهذه المناطق إلى مراكز لجذب الأموال، سواء للصناعة أو الزراعة أو السياحة. لذا فالاستثمار في الإحياء يعني توقع عائدات منه بعد فترات مختلفة وهذه العائدات ستتجاوز أرقامها ما تم استثماره وهكذا.

لو تكلم أحدنا عن هذه التغيرات الضخمة في مفهوم بناء الدول واقتصاداتها لقيل له هذه أضغاث أحلام، ولا يمكن تحقيقها. اليوم تتحول الأحلام إلى واقع ليس فقط في تمكين قيمة صندوق الاستثمارات العامة بل وفي بناء الإنسان ومشاركته الحقيقية في النهضة.

من هنا، وإضافة إلى ما أشار إليه سمو الأمير من تخصيص العديد من الخدمات كالتعليم والصحة والبلديات وغيرها، فإن الأرقام التي وضعها الصندوق كأهداف مستقبلية برأيي متحفظة جداً، بمعنى آخر، ينتظر المملكة مستقبل مطمئن للأجيال القادمة، وربما غير مسبوق في حيويته وفعالياته وإبداعه وإنتاجه.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من الحلم إلى الواقع من الحلم إلى الواقع



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 00:59 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
 صوت الإمارات - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 00:55 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

الكشف عن قائمة "بي بي سي" لأفضل 100 امرأة لعام 2024
 صوت الإمارات - الكشف عن قائمة "بي بي سي" لأفضل 100 امرأة لعام 2024

GMT 10:16 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

حاذر ارتكاب الأخطاء والوقوع ضحيّة بعض المغرضين

GMT 05:48 2017 الجمعة ,27 تشرين الأول / أكتوبر

تقبل على مرحلة جديدة ومهمّة واعدة بالانفتاح والتفاؤل

GMT 12:10 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أجواء غير حماسية خلال هذا الشهر

GMT 08:05 2019 الأحد ,07 إبريل / نيسان

نافاس يصل لرقم مميز مع ريال مدريد

GMT 04:11 2018 الثلاثاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

فايبر تطلق ميزة المجتمعات "Communities" صاحبة المليار

GMT 00:12 2013 السبت ,14 أيلول / سبتمبر

"أسوس" تطرح حاسبًا لوحيًا يعمل بنظام "ويندوز 8.1"

GMT 04:36 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

الروبوت الخبّاز "روتيماتيك" في الإمارات قريباً

GMT 00:13 2013 الأربعاء ,22 أيار / مايو

ايقاف برنامج "الليلة مع هاني" لمدة شهرين

GMT 11:22 2018 الإثنين ,29 كانون الثاني / يناير

عمرو سعد يستبدل المخرجين لظهور "بركة" بشكل قوي

GMT 02:18 2014 الجمعة ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

داليا مصطفى تنتهي من تصوير دورها في "أنا عشقت"

GMT 13:57 2018 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

نصائح لاختيار البدلة النسائية المناسبة لك لإطلالة راقية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates