بقلم - حمد الكعبي
كنت شاهد عيان على زيارة البابا فرنسيس للإمارات، وعايشت الأجواء التاريخية التي صاحبتها، ورأيت في عيون كل من كان على متن الطائرة البابوية ما نحظى به في الإمارات من تقدير دولي، جعل زعيماً روحياً عالمياً بوزن «الحبر الأعظم» يختار أبوظبي عاصمةً لـ «الأخوة الإنسانية».
حينها، رصدْتُ أيضاً كيف كان الجميع يتشوّق إلى التفاصيل ويستقي الدلالات، ويتساءل عن كل ما فعلناه، حتى تكون بلادنا العربية المسلمة، وجهة للبابا، كي يرفع عليها مع شيخ الأزهر أغصانَ السلام والمحبة والأمل.
وسرعان ما جاء اعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة تاريخ توقيع «وثيقة الأخوة الإنسانية» يوماً عالمياً للأخوة الإنسانية، في اعتراف عالمي بـ«الرؤية الإماراتية» التي استثمرت في ثقافة التسامح والعيش المشترك، وبذلت في ذلك جهوداً حثيثة أثمرت تآخياً إنسانياً وانفتاحاً وتنوعاً ووسطية واعتدالاً، ليس لها دافع سوى المصلحة الوطنية وعافية هذه المنطقة والعالم، والتحصين ضد التطرف وضد كل من يتبناه مفهوماً ولغةً وسلوكاً.
ومن هنا، ننظر إلى «اليوم العالمي للأخوة الإنسانية» بأنه يومٌ للإمارات، وشاهد على مصداقيتها ونجاح تجربتها التي استطاعت أن تحدث تحولات إيجابية وبنّاءة خدمت الإنسان والإنسانية ونالت احترام العالم.
ننظر إلى يوم الأخوة الإنسانية كشاهد على «العبقرية الإماراتية» ووعيها المبكر للانفتاح على الآخر وقبوله، وعلى جذور التسامح في مجتمعنا، والسياسة المنفتحة والمتسامحة التي ننتهجها، باعتبارها مثالاً يحتذى به في ترسيخ قيم التعايش، وحرية ممارسة الأديان.
في «يوم الأخوة الإنسانية»، نجني ثمار مصداقيتنا مع أنفسنا ومع الآخر، ونزداد يقيناً بثقافتنا وقيمنا التي ارتفع على أساسها بناء الإمارات الشامخ ليكون نموذجاً لدولة تنشد السلم والتنمية والازدهار، وتؤسس مبكراً للممارسات السلمية وثقافة التعايش بوصفها أسلوب حياة.
وفي يوم الأخوة الإنسانية، ما زلنا عازمين على استكمال رسالتنا الإنسانية بعيداً عن الكراهية ودوامات العنف، انطلاقاً من قناعتنا الراسخة بأن التآخي خيار أولئك الذين يؤمنون بالمشتركات بين البشر، وبأنه الأصل في الحياة، والطريق الأوسع للرخاء، والأساس في العلاقات بين المجتمعات والدول.
في يوم الأخوة الإنسانية، يملأنا الإصرار على ترسيخ بصمتنا في حركة التقدم الإنسانية، ورعاية قيمنا، والعمل على الترويج لها في المنطقة والعالم، وتحويلها إلى واقع وليس شعارات، مستلهمين «روح الاتحاد» التي تسري بداخلنا ركيزةً لهويّتنا، وأساساً لانتمائنا، ومصدراً لإلهامنا.
ستظل بلادنا على الدوام قوة سلام واستقرار، تبث الأمل، وتزرع الخير لتمتد جذوره عميقة عمق جذور «الغاف»، انطلاقاً من إيمانها بأن الدول ذات العمق الحضاري هي التي تطلق من خصوصيتها المحلية وهويتها وتراثها نموذجاً جديراً بالتأمل وقابلاً للمحاكاة والانتشار.
كل عام وأخوّتنا وإنسانيتنا بخير.