بقلم - حمد الكعبي
الأزمة تكمن في الإدارة، وليست في الموارد. ذلك كان التشخيص الذي طرحه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، قبل أشهر، لأكثر من علة، يعاني منها العالم العربي اليوم، فيما تتسع الفجوة بين الأمم المتقدمة، والمجتمعات النامية، ليس في التنمية فقط، وإنما في أبجديات الاستعداد للمستقبل.
شرح سموه، بعد أسابيع قليلة، أعراض الأزمة في بعدها المحلي، في «رسالة الموسم الجديد»، محذراً من تداعياتها السيئة على التطور الإداري، وواثقاً بأن الحل في متناول اليد، بالنسبة لحكومة الإمارات، التي باتت نموذجاً عالمياً لحكومات المستقبل، وقد حققت أعلى استفادة من التكنولوجيا في الإدارة والتعليم والنقل والاتصالات، ولكنّ ذلك لا يمنع من تسمية الأشياء بأسمائها الحقيقية، خصوصاً أن محاور الرسالة تحولت إلى برنامج على درجة عالية من الأهمية، ويرأس لجنة متابعة تنفيذها سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير شؤون الرئاسة، الذي شدد على قاعدة «عدم المجاملة على حساب الوطن» أساساً لحماية مكتسباتنا الوطنية.
اللجنة مكلفة بإعداد خطة لأول مئة يوم، وقد تجاوبت مع الفكر الإداري في الرسالة، عندما حددت أول محور لعملها بوجوب التأكد من وجود المسؤولين في الميدان، والاستجابة لشكاوى المواطنين، فعزلة المسؤول في مكتبه، وتجاهله شكاوى الناس من أبرز العلل الإدارية، التي تجعل المسؤول عاجزاً عن اختبار مدى نجاحه من إخفاقه في المؤسسة التي يديرها.
وفي هذا السياق، يبرز محور التوطين، بصفته شأناً عانى من تراجع متابعة المسؤولين ميدانياً لتفاصيله وأرقامه ومدى انسجامه مع الاستراتيجيات الوطنية في هذا المجال، خصوصاً أن الحديث عن «التوطين الصوري» ظل مجالاً واسعاً للتقارير الصحفية والإعلامية، دون حلول مباشرة وناجعة، وهذا ملف تعتبره القيادة أولوية وطنية، وآن الأوان، لتحقيق نجاح حقيقي فيه، لا سيما أن اللجنة أقرت ضرورة التنسيق الاتحادي والمحلي لضمان فاعلية استراتيجية التوطين.
كذلك، ستضع لجنة متابعة تنفيذ «رسالة الموسم الجديد» إطاراً للتنسيق بين الحكومات المحلية في ما يتعلق بالمشروعات التنموية الكبرى، التي لا تتوقف في الإمارات، وعلى صلة بذلك، وضعت اللجنة محوراً لتطوير أفكار مستقبلية جديدة، ورفع عشر أفكار تنموية ومبتكرة واستثنائية، سريعة التنفيذ إلى صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم خلال شهر.
مجدداً، فإن الحلول الإماراتية لمعضلات الإدارة المحلية في متناول اليد الحكومية، ومعرفتها وتحديدها يسهلان ابتكار أساليب المعالجة، فالميدان كان وصفة دقيقة في «رسالة الموسم الجديد»، وهو القادر على تقصي المشكلات والاستماع إلى الناس، وتحقيق غاية الإمارات في إسعاد مواطنيها والمقيمين على أرضها.