مع السودان الجديد

مع السودان الجديد

مع السودان الجديد

 صوت الإمارات -

مع السودان الجديد

بقلم - حمد الكعبي

يفتح اتفاق تقاسم السلطة بين المجلس العسكري الانتقالي والحراك الشعبي كثيراً من الأبواب الموصدة تاريخياً في السودان، مثلما يغلق أبواباً في وجه القوى المتطرفة التي ترى في كل فوضى فرصة للانقضاض على أمن المجتمعات ومصير شعوبها.

نحن أمام مشهد مبشّر في السودان. فالأسباب الموضوعية التي أدت إلى انهيار النظام السابق، ترتبط بالاحتكار والإقصاء والإخفاق التنموي الذريع، وقد كانت مآلاته شديدة الوطأة على الشعب السوداني، ثم أظهرت الأشهر الماضية مزيداً من الحاجة لوقف التجاذب بين المجلس العسكري الحاكم، وقوى «الحرية والتغيير»، وأن يضع الاتفاق الجديد مساراً جديداً للعلاقة بين الطرفين، فهذا يقطع الطريق على تيارات الشد العكسي، التي لا تزال تظن أن لديها أفقاً لتنفيذ أجنداتها الظلامية، وإعادة البلاد إلى ما هو أسوأ من المرحلة السابقة. 

يغلق اتفاق تقاسم السلطة خلال فترة انتقالية، لا تزيد عن ثلاث سنوات، تعقبها انتخابات عامة، باب الغموض حيال مستقبل العملية السياسية في السودان. هناك خريطة طريق واضحة، فالمدنيون والعسكريون سيتناوبون على رئاسة مجلس السيادة، وهذا اعتراف صريح من قوى الحراك الشعبي بأهمية الجيش ودوره الأساسي في الحفاظ على الأمن والاستقرار، وفِي المقابل، يعني ذلك أن المجلس العسكري يعي ضرورة أن تنتقل البلاد إلى حالة مدنية في الحكم، لتبديد أية مخاوف وشكوك شعبية، ولتجاوز كل أسباب الاضطرابات العنيفة التي عاشها السودان في الأسابيع الأخيرة، ويُحسب هنا للجيش دعمه إجراء تحقيق شفاف ومستقل في مختلف جوانبها وتفاصيلها.

كذلك، فإن الاتفاق الذي رحبت به الإمارات، يقضي بتشكيل حكومة مدنية، وبصلاحيات أوسع لرئيس الوزراء، وأول ما يعنيه ذلك أن السودان في طريقه لتجاوز مظاهر التخندق بين الفرقاء، باتجاه جبهة وطنية موحدة، قادرة على بناء مؤسسات الحكم، والخروج بالبلاد من أزماتها الاقتصادية الخانقة، فالسلام سيظل شرط التنمية الأساسي، والتجارب التي أخلّت بهذه المعادلة أكثر من أن تحصى في العالم، ومن الواضح أن السودانيين أكثر وعياً وحرصاً في هذا الاتجاه.

بهذا الاتفاق، فإن موازين القوى الداخلية، تخلت عن التنافس والاصطدام، لصالح وزن السودان الأفريقي والعربي، وكلنا يعرف ما يمتلكه هذا البلد الشقيق من مقدرات وإمكانات، تؤهله للنهوض والازدهار، والتحول إلى قوة إقليمية، قادرة على تحريك عوامل الإنتاج واستثمارها بالشكل الأمثل في مناخات من الاستقرار الأمني والسياسي، والوساطة الأفريقية في التوصل إلى الاتفاق تدرك ذلك جيداً، وتعرف مصلحة القارة في إنهاء الانقسام الداخلي فيه.

في الانتظار، فإنه من المتوقع والمجرّب أن تبادر جماعات «الإسلام السياسي» و«الدولة العميقة» إلى التشكيك بجدوى الاتفاق، بل وتضع كثيراً من العراقيل، وتستثمر أي خطأ في الهامش، لكنّ الانحياز لمصلحة السودان، والالتزام بالتعهدات الأخيرة من الطرفين، كفيلان بكفّ الشرور، وحماية البلاد، وما مظاهر الاحتفال الشعبية الكبيرة بإنجاز هذا «الاختراق» اللافت، كما وصفه الاتحاد الأوروبي، إلا رسالة شديدة الوضوح والحسم.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مع السودان الجديد مع السودان الجديد



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 19:13 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 16:12 2018 الأحد ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

خليفة و بن راشد وبن زايد يهنئون رئيس بنما بذكرى الاستقلال

GMT 13:59 2015 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

تصاميم على شكل الماس لحقائب "إن إس باي نوف"

GMT 10:32 2016 الجمعة ,04 آذار/ مارس

لوني شتاءك بأجمل موديلات الأحذية الـ Pumps

GMT 01:32 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

عيش الرفاهية في فنادق ومنتجعات الجميرا الفخمة

GMT 01:28 2019 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

«بنتلي» تفوز بلقب الشركة الأكثر تقديرًا في بريطانيا

GMT 23:18 2019 السبت ,12 كانون الثاني / يناير

الزمالك يهزم بتروجيت في دوري كرة الطائرة المصري

GMT 19:14 2018 الخميس ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرفي على خطوات رئيسية لترتيب خزانة ملابسكِ الخاصة

GMT 11:52 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

6 أفكار أنيقة مميزة لزينة حفلات الزفاف

GMT 07:51 2013 السبت ,27 تموز / يوليو

جمال كامل فرحان يصدر رواية "كان ردائي أزرق"

GMT 04:48 2018 الثلاثاء ,19 حزيران / يونيو

رواية "الجنية" تمزج الواقع بالخيال بشكل واقعي

GMT 19:29 2013 الأربعاء ,22 أيار / مايو

خيبة المثقف في"طائف الأنس" لعبدالعزيز الصقعبي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates