كاتدرائية نوتردام والشماتة بالجَمال

كاتدرائية نوتردام والشماتة بالجَمال!

كاتدرائية نوتردام والشماتة بالجَمال!

 صوت الإمارات -

كاتدرائية نوتردام والشماتة بالجَمال

بقلم - حمد الكعبي

بكل وضوح، يشرفنا أن نكون مع الشعوب المنحازة للجَمال والفنون والتراث الإنساني العريق. ولا تعنينا كل الانحرافات الذهنية في المنطقة، ولا الشماتة بضحايا الإرهاب، أو الحوادث، والكوارث الطبيعية، التي تجد تشوهاً ثقافياً، يراها مجرد غضب إلهي، أو يعيدها إلى التاريخ بنوازع ثأرية وانتقامية.

حريق كاتدرائية نوتردام حادث محزن، وأن نتضامن مع فرنسا للأضرار المؤسفة التي لحقت بأيقونة معمارية وفنية كبيرة، فذلك ينبع من قيمنا العربية، ومن فهمنا للتسامح، والموقف نفسه لا يتغيّر عند أي أذى طبيعي أو مدبّر يلحق بمسجد، أو كنيسة، أو دار عبادة، أو أي إرث حضاري في العالم.

صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، الذي استقبل، هذا الأسبوع في أبوظبي، إمامي مسجدي «النور» و«لينوود» اللذين تعرضا مؤخراً لهجوم إرهابي في نيوزيلندا، عبّر عن موقفنا من حريق كاتدرائية نوتردام. سموه رأى في نتائج الحادث «خسارة في أحد أعرق وأشهر معالم التراث الإنساني العالمي، لأن هذه المنارات كانت وستظل توحد الشعوب، وتجمعهم على الخير».

إذْ لا يمكن أن يستمر ضجيج التحريض، وكراهية الآخر، والشماتة بالتاريخ، في هذه المنطقة، دون أصوات عقلانية، تبدد كآبة المشهد، وقد هيأت مراكز التطرف الرئيسة في الإقليم كل السبل لتغذية الإرهاب بأنواعه كافة، ولاسيما الفكري منه، وساهمت في مزيد من تشويه ثقافتنا في عيون العالم.

كان حريقاً، التهم أجزاء من معلم تاريخي، يبلغ عمره نحو سبعة قرون. وفور اندلاع النيران وارتفاع الدخان، اتجهت الشماتة إلى التاريخ أيضاً. ثمة من ذكّرنا باستعمار فرنسا في المغرب العربي. وثمة من قال: إن الكاتدرائية أيّدت الحروب الصليبية، وتالياً تستحق هذا المصير. وإذا كنا تعودنا فرح المتطرفين بضحايا الجرائم الإرهابية في الغرب عموماً، فقد بلغنا في هذه المنطقة مستوى من العماء، ليشمت بعضنا بالحجر، وبالجَمال، وبالنقوش، وبالأعمال المعمارية والفنية الخالدة، التي باتت الآن ميراثاً إنسانياً مشتركاً.

أكثر من تيه وفصام يسود في هذه المنطقة مع بالغ الأسف. نحن في الإمارات ذهبنا في طريق آخر. ولذلك ينظر العالم إلى مشروعنا الحضاري بتقدير وإعجاب. قبل أشهر، وضعنا مع اليونسكو والحكومة العراقية حجر الأساس لإعادة إعمار الجامع النوري ومئذنته الحدباء في الموصل، بعدما هدّمهما إرهاب داعش. تكفلنا بقيمة البناء والتأهيل كاملاً، بأزيدَ من 50 مليون دولار. ثم شهدت بلادنا حدثاً تاريخياً فارقاً، بتوقيع بابا الفاتيكان وشيخ الأزهر وثيقة «الأخوة الإنسانية» في أبوظبي.

نواصل رؤيتنا الحضارية، وتسامحنا الإنساني، ونزرع بذور الخير حيثما استطعنا، وتلك هي عمارة الأرض، ومبتغى الإنسان.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كاتدرائية نوتردام والشماتة بالجَمال كاتدرائية نوتردام والشماتة بالجَمال



GMT 21:27 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

قصة عِبَارة تشبه الخنجر

GMT 21:21 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

المرأة ونظرية المتبرجة تستاهل

GMT 21:17 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

«تكوين»

GMT 21:10 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

هل يعاقب فيفا إسرائيل أم يكون «فيفى»؟!

GMT 21:06 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

العالم عند مفترق طرق

GMT 13:56 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أجواء حماسية وجيدة خلال هذا الشهر

GMT 09:22 2020 الأربعاء ,01 تموز / يوليو

أجواء إيجابية لطرح مشاريع تطوير قدراتك العملية

GMT 13:28 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أجواء حذرة خلال هذا الشهر

GMT 21:40 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

يتحدث هذا اليوم عن بداية جديدة في حياتك المهنية

GMT 08:30 2019 الجمعة ,18 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة تحضير بان كيك دايت شوفان سهل ومفيد

GMT 14:47 2019 الأربعاء ,19 حزيران / يونيو

فيفي عبده تردّ على منتقدي شكل حواجبها مع رامز جلال

GMT 18:22 2015 السبت ,06 حزيران / يونيو

صدور "حكومة الوفد الأخيرة 1950-1952" لنجوى إسماعيل

GMT 08:05 2015 السبت ,12 كانون الأول / ديسمبر

فلسطين ومفارقات حقوق الإنسان

GMT 08:09 2012 الجمعة ,22 حزيران / يونيو

"بيجو" تحذر من انها لن تتراجع عن اغلاق مصنع لها

GMT 15:07 2017 الإثنين ,16 تشرين الأول / أكتوبر

أردنية تُنشئ مجموعة إلكترونية لتشجيع المرأة على النجاح

GMT 19:43 2020 الجمعة ,11 أيلول / سبتمبر

زلزال بقوة 4.3 درجة يضرب جزر الكوريل في شرق روسيا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates