«الإخوان» من التمكين إلى التخزين

«الإخوان» من التمكين إلى التخزين

«الإخوان» من التمكين إلى التخزين

 صوت الإمارات -

«الإخوان» من التمكين إلى التخزين

محمد صلاح
بقلم: محمد صلاح

اعتمدت جماعة «الإخوان» في سعيها إلى السلطة خططاً لتكوين اقتصاد موازٍ في الدول حيث الوجود «الإخواني» كثيف، وعلى رأسها مصر، ونجحت في تأسيس كيانات اقتصادية ضخمة لمدى عقود، وانتشرت الشركات «الإخوانية» في محافظات مصر، واخترقت الجماعة كل مجال، من المستشفيات إلى محال البقالة، ومن الصيدليات إلى مصانع الألبان، ومن المزارع إلى مساحيق الغسيل، ناهيك عن المدارس والمعاهد والحضانات! لم يكن إذاً مفاجئاً أن تستغرق عملية حصر أموال «الإخوان» وقتاً طويلاً، فالأموال بالبلايين والأنشطة متعددة ومتنوعة وموزعة على أنحاء مصر، وعناصر التنظيم حاولوا دائماً تضليل السلطات وخداع المواطنين والتحايل على الإجراءات والقوانين. لسنوات طويلة ربط «الإخوان» مصالح الناس بوجود الجماعة ونشاطها الاقتصادي، وطوال عقود حقق اقتصاد «الإخوان» نمواً متزايداً وتسرطن في نسيج البلاد، حتى باتت أعداد كبيرة من المواطنين تعتمد على مدارس «الإخوان» ومستشفياتهم... وسلعهم.

قد يبدو الأمر بسيطاً أو اعتيادياً أو حتى منطقياً أن تختفي سلعة من الأسواق في غير موسمها إذا تسربت معلومات عن رفع سعرها، عندما يقوم التجار بتخزينها وحجبها عن السوق للاستفادة بفارق السعر، أو حين يحدث انخفاض في معدلات إنتاج سلعة لظروف مناخية أو تسويقية أو حتى سياسية! لكن الأمر في مصر يسير في اتجاهات أخرى، إذ لا يكاد يمر شهر من دون أن تشهد السوق ارتباكاً ويلهث المواطنون وراء هذه السلعة أو تلك، أو يشكون من احتكار التجار وجشع الموزعين والمنتجين، ناهيك بالطبع عن معاناتهم من تعطيل مصالحهم ومحاولات تخريب العلاقة بين المؤسسات والمصالح الخدمية وبين الجماهير التي تقف في طوابير كل يوم لإنهاء مصالحها. واللافت أن غالبية تلك الوقائع تنتهي عند نتيجة واحدة مفادها أن هذا التاجر «الإخواني» تعمد «تعطيش» السوق وحجب السلعة عن الناس، أو أن هذا المنتج «الإخواني» أيضاً خطط لإيذاء المواطنين ومنع السلعة من الوصول إلى السوق، أو أن هذا المسؤول «الإخواني» يعطل العمل في هذه المؤسسة أو تلك المصلحة لتأليب مشاعر الناس وخنقهم ورفع إحساسهم الدائم بالمعاناة والضجر من الحكم.

فطن المصريون مبكراً إلى اللعبة، فهم بعد الثورة على حكم الجماعة وإطاحة محمد مرسي من المقعد الرئاسي وحرمان التنظيم تحقيق حلم التمكين، أدركوا نوايا «الإخوان» ومحاولات الجماعة الدائمة نشر الإحباط بين الناس، وسرقة كل فرحة وسلب كل إحساس بالرضى وتغييب كل إنجاز، والسعي دائماً إلى الحفاظ على حالة للسخط بين المواطنين. يتحدثون الآن عن أزمة البطاطا! التي يطلق عليها المصريون «البطاطس» وعن دور لـ «الإخوان» في الأزمة! فبعد أيام من المعاناة وجد المصريون أنهم يعيشون سيناريو عاشوه من قبل مع سلع أخرى كثيرة، وجرى حل اللغز بسرعة عندما ألقت أجهزة الأمن القبض على تاجر كبير تبين أنه قام بتخزين آلاف الأطنان ليحجب «البطاطس» عن السوق ويمنعها عن الناس، ثم يطرحها بأسعار مرتفعة في الخفاء، وكالعادة تبين أنه «إخواني» حاول احتكار السلعة تماماً مثل مرشده وقادة جماعته الذين سعوا، بعدما ضرب الربيع العربي مصر وبلداناً أخرى، احتكار السلطة. وبالطبع فإن السوق تأثرت بتخزين البطاطس، وطبقاً لنظرية الأواني المستطرقة، فإن الأزمة انتقلت من مكان إلى آخر ومن مدينة إلى أخرى وصاحبنا «الإخواني» كان يعتقد قبل القبض عليه أنه ضرب عصفورين بحجر واحد: حقق مزيداً من الأرباح والمكاسب وفي الوقت نفسه ضمن الدخول إلى «الجنة»! ظل «الإخوان» يحلمون بـ «التمكين» ووضعوا الخطط وخاضوا صدامات ومعارك وحروباً، وجاءهم الربيع العربي ليمنحهم فرصة الانقضاض على الحكم وسلب السلطة، وحين فشلوا في إدارة الدولة وأخفقوا في الحكم وضاع حلم «التمكين» لجأوا إلى التخريب كوسيلة تضاف إلى آليات أخرى اعتمدوها لتدمير المجتمع ونشر الفوضى، والثأر من الناس الذين ثاروا ضد حكم المرشد. ومن التمكين إلى التخزين، ومن احتكار السلطة إلى احتكار أي سلعة لن نجد «الإخوان» أبداً بعيدين عن أي مصيبة أو أزمة أو كارثة، فهم دائماً طرف في قلب كل محنة يمر بها أي مجتمع عربي، إما سبب فيها أو مستثمر لها.

نقلا عن الحياة

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«الإخوان» من التمكين إلى التخزين «الإخوان» من التمكين إلى التخزين



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 20:03 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 08:02 2016 الثلاثاء ,01 آذار/ مارس

جورج وسوف يستقبل أحد مواهب"The Voice Kids" فى منزله

GMT 02:49 2017 الجمعة ,06 تشرين الأول / أكتوبر

وصفة صينية الخضار والدجاج المحمّرة في الفرن

GMT 14:30 2017 الخميس ,05 كانون الثاني / يناير

صغير الزرافة يتصدى لهجوم الأسد ويضربه على رأسه

GMT 10:56 2021 الثلاثاء ,23 شباط / فبراير

إذاعيون يغالبون كورونا

GMT 12:44 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

الريدز ومحمد صلاح في أجواء احتفالية بـ"عيد الميلاد"

GMT 07:32 2019 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

نيمار يقود باريس سان جيرمان ضد نانت في الدوري الفرنسي

GMT 00:59 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اتيكيت تصرفات وأناقة الرجل
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates