بقلم - نجاة السعيد
هل يستطيع الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن تغيير مستقبل الشرق الأوسط إلى الأبد، وما إذا كانت سياساته مختلفة عن سياسات إدارة ترامب، سواء ما يتعلق بالاتفاق النووي مع إيران أو الصراع الإسرائيلي الفلسطيني؟ حسب تصريحات بايدن، فإنه سيعود للانضمام مرة أخرى إلى الاتفاق النووي مع إيران، لكن هناك انتخابات رئاسية في إيران العام المقبل، ولا نعرف ما إذا كان ممكناً إعادة طهران إلى طاولة المفاوضات، كما أن بعض المحللين يرون أن العودة إلى الاتفاق يجب أن تأخذ في الاعتبار آراء دول المنطقة مثل البحرين والإمارات والسعودية، فأحد أسباب اعتراضهم على الاتفاق، أن هذه الصفقة أعطت الإيرانيين حرية التصرف من دون رادع.
ويتوقع البعض أن بايدن سيعيد فتح القنصلية الأميركية في القدس الشرقية وإعادة فتح مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن، لكنه لا يريد سحب السفارة الأميركية من القدس ولن يقطع المساعدات عن إسرائيل، كما أن بعض الخبراء يذكرون أهمية كيف يمكن لهذا الاسترداد المالي للأونروا أن يتم بشكل أفضل للتأكد أنه ذاهب للمكان الصحيح.
وقد أكد الكثير من المحللين والسياسيين أن ما يقوله المرشحون للرئاسة في الحملات الرئاسية عادة ما يكون مختلفاً عما يقولونه وهم في المنصب، فعندما يتعلق الأمر بتولي المنصب فعلياً، نجد أن الأمور مختلفة عند الترجمة إلى سياسات عما يجري من حرارة الحملات، فإدارة بايدن، لا تستطيع الخروج من المنطقة كما يتردد في واشنطن، أو بمعنى الآخر الانسحاب النهائي منها، وذلك لاعتبارات أهمها أن الوضع في أفغانستان لا زال متردياً والعراق لا يزال غير مستقر والأمور لم تحسم في سوريا، وكذلك استمرار التوتر في اليمن، ومنطقة الشرق الأوسط من المحتمل أن تأتي في المرتبة الثالثة بعد الصين و(الاتحاد الأوروبي وروسيا)، وهناك دعوات من الكثير من الخبراء لتفادي أخطاء كبرى ارتكبتها إدارة أوباما خاصة ما يتعلق بانتشار تنظيمات إرهابية في الشرق الأوسط والعالم.
إضافة إلى ذلك، ثمة توقعات مفادها أن جو بايدن لن يواجه صعوبات داخلية في تمرير أجندته الخارجية كما كان الحال مع الرئيس ترامب، لأنه جزء من المنظومة السياسية الأميركية، التي تراكمت لديها قناعات راسخة في السياسة الخارجية سواء داخل وزارة الخارجية أو لجان الكونجرس النوعية، كما أن للكونجرس دوراً كبيراً في السياسة الخارجية الأميركية، وإذا كان لـ«الجمهوريين» الأغلبية في مجلس الشيوخ، فسيكون تقييداً لسياسة بايدن الخارجية، ولذلك من المهم أن نتابع انتخابات مجلس الشيوخ في يناير المقبل.
يبدو أن السياسة الخارجية لإدارة بايدن ما زالت ضبابية، وهناك مخاوف من احتمال أنها ستعيد سياسة الرئيس السابق أوباما في كثير من القضايا، لكن بوضع بعض الرتوش لتبدو وكأنها مختلفة، لذلك من المهم أن تكون مراكز أبحاثنا للسياسات الخارجية نشطة في أميركا وغيرها على الصعيد الرسمي والشعبي، وتكون لها فروع في تلك البلاد، خاصة أن خصومنا نشطون في هذا الأمر.