بقلم - نجاة السعيد
استخدم الرئيس «الديمقراطي» المنتخب جو بايدن تجاربه وعلاقاته الوثيقة مع الرئيس السابق باراك أوباما للاستفادة من استخدام كاريزما أوباما أثناء حملته الانتخابية. وتثير خطابات بايدن والأشخاص المحيطين به، وكثير منهم من المسؤولين البارزين في إدارة أوباما، تساؤلات حول مدى تشابه سياسة الرئيس المنتخب الخارجية مع سياسة أوباما، خاصة في ما يتعلق بالشرق الأوسط. لكن ما الذي أنجزه أوباما بالفعل؟ وهل سيكون تكرار هذه السياسات في عهد بايدن إجراءً حكيماً؟
لقد كان سجل أوباما أبعد ما يكون عن الإعجاب فقد أخفق تقريباً في كل ملفات الشرق الأوسط. ففي أفغانستان فشل في تحقيق النصر الموعود وخلق في انسحابه المتسرع من العراق فراغًا في السلطة مكّن من توسع «داعش» وتعميق النفوذ الإيراني. كذلك «الربيع العربي» الذي دعمه تحول أيضًا إلى مأساة كارثية وأسفر عن دول محطمة وفاشلة مثل الوضع الفوضوي في ليبيا الذي أصبح مركزًا للإرهابيين وكذلك إخفاقه في وضع استراتيجية واضحة في سوريا أدى إلى النتيجة نفسها.
أما في الشأن الفلسطيني/ الإسرائيلي فلم يكن أقل إخفاقاً، فقد جعل أوباما المصالحة الفلسطينية الإسرائيلية أبعد من أي وقت، وعشية الانتخابات الأميركية عام 2012، 91 % من الفلسطينيين كانوا ضد إعادة انتخاب أوباما بسبب سياساته التي لم توصل إلى أي حل. حتى خطة العمل الشاملة المشتركة، الجوهرة المفترضة في عهده في الشرق الأوسط، كانت اتفاقية معيبة للغاية: لقد تركت الباب مفتوحًا أمام الحصول على أسلحة نووية إيرانية واستمرار توسعها المهيمن بينما دق إسفينًا بين واشنطن وأبرز حلفائها الإقليميين.
أهم أسباب إخفاقات أوباما في المنطقة تمثلت في فهم ضعيف للشرق الأوسط، فقد أساء الرئيس ومستشاروه فهم الخصائص والوقائع الإقليمية الرئيسية، لا سيما انتشار الانقسامات الداخلية وشدتها - الاجتماعية والعرقية والقبلية والدينية وغيرها، مما أدى إلى نتائج كارثية في قرارات السياسة الخارجية للمنطقة. أيضاً كان عند أوباما هوس باستبدال «أحادية» السياسة الخارجية إلى رؤية «أممية» و«تعددية» والدافع لذلك عدم تحمل مسؤولية أي قرار وإلقاء الإخفاقات المحتملة على الآخرين، وقد شاهدنا سياسة «القيادة من الخلف»، التي انتهجها أوباما في ليبيا ليحمل الأوروبيين وطأة الغزو.
بينما لا يمكن لوم أوباما على كل كارثة حلت بالشرق الأوسط خلال السنوات الثماني لرئاسته، فإن سياساته بلا شك فعلت الكثير لجعل الوضع السيئ أسوأ. فقد فاقمت الصراعات الجارية، وألحقت الضرر بالعلاقات مع الحلفاء الإقليميين الرئيسيين، وأضعفت الموقف والمصالح الإقليمية للولايات المتحدة، وكشفت نقاط الضعف المتأصلة في التعددية. لذلك ليس من الحكمة أن ينظر بايدن إلى حقبة أوباما في سياساته في الشرق الأوسط، وعليه بدلاً من ذلك أن يستفيد من الأخطاء الكارثية ولا يعيد تكرارها وتبني سياسات جديدة تأخذ في الاعتبار الاتجاهات والديناميكيات طويلة الأمد في المنطقة.