الدلالات العميقة لفوز دونالد ترمب

الدلالات العميقة لفوز دونالد ترمب

الدلالات العميقة لفوز دونالد ترمب

 صوت الإمارات -

الدلالات العميقة لفوز دونالد ترمب

بقلم: لحسن حداد

لأول مرة منذ سنوات، فاز المرشح الجمهوري للرئاسة بكل من «الصوت الشعبي»، (أي مجموع الأصوات المعبَّرُ عنها بطريقة مباشرة)، وأصوات الناخبين الكبار؛ وهذا يعني أن هناك تحولاً كبيراً في القاعدة الانتخابية لصالح دونالد ترمب، التي أصبحت واسعة وتشمل، ليس فقط الولايات المتأرجحة، ولكن كل الفئات الاجتماعية والإثنية وعلى امتداد جغرافي مترامي الأطراف. ودلالة هذا الأمر هي أن ترمب نال تفويضاً واسعاً وضمانة لينعم باستقرار سياسي حقيقي لتنفيذ سياساته.

تشمل القاعدة الانتخابية الصلبة لترمب أفراد الطبقة العاملة البيضاء، والمسيحيين الإنجيليين، والمحافظين الاجتماعيين، وسكان المناطق الريفية، والمحافظين المناهضين للمؤسسات، وأصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة، ومؤيدي القانون والنظام، ومعارضي الهجرة والنفوذ الأجنبي في الولايات المتحدة.

لكن المفاجأة هي أن ترمب وسَّع من قاعدته ليخلق تحالفاً عريضاً يضم كثيراً من المجموعات الإثنية والاجتماعية، التي وجدت ضالتها في خطابه الفاضح، والمبالِغ في الصراحة والنزعة القدحية، والمشتمِل على كثير من الشَّتْم والسِّباب.

هكذا، صوَّت لصالحه عدد من السود فاق ما كان يحصل عليه الحزب الجمهوري في السابق. ويرجع السبب في انجذاب الرجال السود إلى خطابه إلى وعْدُه بالنمو الاقتصادي ورفع العراقيل في وجه المبادرة الخاصة. كثير من هؤلاء كذلك رأى في نزعة ترمب المحافِظة وتركيزه على سيادة القانون ضد الجريمة والانفلات الأمني وسيلةً لضمان شروط إقلاع حقيقي للمجموعات السكنية ذات الأصول الأفريقية.

من جانبهم، صوَّت معظم الرجال من أصول لاتينية لصالح ترمب، لأن حملته خاطبت اهتماماتهم الخاصة، خصوصاً فيما يتعلق بخلق فرص الشغل وخفض التضخم واستتباب الأمن والحفاظ على القيم التقليدية المحافِظة. وحصل هذا رغم أن ترمب يعتزم نهج سياسة حازمة، فيما يخص الهجرة وطرد المهاجرين غير الشرعيين. بل إن اللاتينيين ينظرون إلى الوافدين الجدد غير الشرعيين على أنهم عالة ويشوِّهون صورة المهاجر اللاتيني المندمِج بنجاح في المجتمع الأميركي.

وفي الولايات المتأرجحة، صوَّت لصالحه الناخبون البيض الذين لا يحملون شهادة جامعية، خصوصاً في الأرياف والضواحي، الذين جذبهم خطاب الفرص الاقتصادية وسيادة القانون واستتباب الأمن، بالإضافة إلى عدد متزايد من السود واللاتينيين. وانحاز الناخبون المستقلون لصالحه في جورجيا. أما في ميشيغان، فقد حصل على أصوات مَن فقدوا وظائفهم جراء مسلسل الأتمتة والتحولات الكبرى في قطاع التصنيع، خصوصاً البيض والذكور والشباب أقل من 45 سنة.

وقد وجد خطاب ترمب الشعبوي صدى كبيراً لدى شرائح متعددة من المجتمع الأميركي، بل رغم اتهامه بالعنصرية وكراهية الأجانب والتمييز الجنسي، فإن الكثير لم يصدقوا الصورة التي وضعها الإعلام التقليدي له ولجأوا إلى وسائل بديلة للحصول على المعلومة حوله. وقد نجحت حملة ترمب في استهدافهم وإعطائهم صورة «حقيقية» حول من يكون ترمب وما هي مواقفه.

هكذا، استطاع ترمب أن يحصد دعم «حزام الصدأ»، (الولايات الصناعية في الشمال)، خصوصاً العمال المتأثرين بالتحولات الصناعية الكبرى، و«حزام الإنجيل»، (الولايات الوسطى المُحافِظة)، خصوصاً المحافظين الدينيين، و«الجنوب الكبير»، من خلال جذب الناخبين بخطاب شعبوي ومواقف صارمة بشأن الهجرة.

بهذا، تمكن ترمب من خلق تحالف عريض جمع مجموعات رئيسية من الناخبين: الطبقة العاملة البيضاء من دون شهادات جامعية؛ والأقليات، مع تحقيق مكاسب ملحوظة بين الناخبين السود واللاتينيين؛ والشباب من الرجال تحت سن 40، وناخبي الضواحي، بمن في ذلك الجمهوريون المعتدلون. وكما فعل رونالد ريغان في السابق، استطاع ترمب جذب هذه الفئات، لكنه تميَّز بزيادة دعمه بين الأقليات والشباب، مما أحدث تحولات عميقة في الكتلة الناخبة التقليدية.

المشكلة هي أن الحزب الديمقراطي وحملة هاريس لم يحاولا فهم اهتمامات هذه الشرائح العريضة من الشعب الأميركي. بل إنهما غالباً ما قلَّلا من شأن ناخبي ترمب بوصفهم غير مثقفين، وأغبياء، وساذجين ويسهل التأثير فيهم. ومع ذلك، لا يمكن اختزال 70 مليون شخص إلى كتلة غارقة في هستيريا جماعية أو في أجواء من الوعي الزائف. لقد فوَّت الديمقراطيون، في عدة مناسبات، فرصة فهم هذا الناخب والتعاطف مع همومه.

أخيراً، هل سيتمكن ترمب من التجاوب مع اهتمامات هذا التحالف العريض والمتنوع؟ كيف تحقق العدالة الاجتماعية في وقت تؤمن فيه بتقليص تدخل الدولة في الاقتصاد وخفض الضرائب لتشجيع المبادرة الخاصة؟ وكيف تؤسّس لدولة القانون والأمن ومحاربة الهجرة، وفي نفس الوقت ستقلص من الموارد عبر خفض المديونية والضغط الضريبي؟ وكيف تريد إعادة البريق للصناعة الأميركية عبر السياسة الحمائية، وفي نفس الوقت تضع قيوداً في وجه العمالة الأجنبية ذات الخبرة؟ وكيف تجدد دور أميركا على المستوى الدولي ومع ذلك تتبنى خطاباً انعزالياً؟ هذه معادلات صعبة سيواجهها ترمب.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الدلالات العميقة لفوز دونالد ترمب الدلالات العميقة لفوز دونالد ترمب



GMT 05:55 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نعم... نحتاج لأهل الفكر في هذا العصر

GMT 05:54 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

مشكلة العقلين الإسرائيلي والفلسطيني

GMT 05:54 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الهُويَّة الوطنية اللبنانية

GMT 05:53 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

عقيدة ترمب: من التجريب إلى اللامتوقع

GMT 05:52 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

صعوبات تواجه مؤتمر «كوب 29» لمكافحة التغير المناخي

GMT 05:45 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

بين الديمقراطيين والجمهوريين

GMT 05:45 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

واقعية «سرقات صيفية» أم واقعية «الكيت كات»؟

إلهام شاهين تتألق بإطلالة فرعونية مستوحاه من فستان الكاهنة "كاروماما"

القاهرة - صوت الإمارات
ظهرت الفنانة إلهام شاهين في افتتاح مهرجان القاهرة السينمائي، وهي مرتدية فستانا أزرق طويلا مُزينا بالنقوش الفرعونية ذات اللون الذهبي.وكشفت إلهام تفاصيل إطلالتها، من خلال منشور عبر حسابها بموقع التواصل "فيسبوك"، إذ قالت: "العالم كله ينبهر بالحضارة الفرعونية المليئة بالفنون.. وها هي مصممة الأزياء الأسترالية كاميلا". وتابعت: "تستوحى كل أزيائها هذا العام من الرسومات الفرعونية.. وأقول لها برافو.. ولأن كثيرين سألوني عن فستاني في حفل افتتاح مهرجان القاهرة السينمائي الدولي.. أقول لهم شاهدوه في عرض أزياء camilla". يذكر أن فستان الفنانة المصرية هو نفس فستان الكاهنة "كاروماما" كاهنة المعبود (آمون)، كانت الكاهنة كاروماما بمثابة زوجة عذراء ودنيوية للمعبود آمون. وهي ابنة الملك (أوسركون الثاني) الذي حكم مصر خلال الأسرة الـ 22...المزيد

GMT 18:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 صوت الإمارات - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 18:09 2018 الثلاثاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

تصميمات مختلفة لسلاسل من الذهب رقيقة تزيدك أنوثة

GMT 11:26 2018 الجمعة ,19 كانون الثاني / يناير

الصين تتسلم الدفعة الأولى من صواريخ "أس-400" الروسية

GMT 16:28 2017 الجمعة ,20 كانون الثاني / يناير

تسمية بافوس القبرصية عاصمة للثقافة الأوروبية

GMT 18:36 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تنجح في عمل درسته جيداً وأخذ منك الكثير من الوقت

GMT 12:16 2020 الإثنين ,01 حزيران / يونيو

تجنّب أيّ فوضى وبلبلة في محيطك

GMT 17:14 2019 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

بن راشد يُصدر مرسوماً بضم «مؤسسة الفيكتوري» إلى نادي دبي

GMT 01:20 2019 السبت ,20 تموز / يوليو

نبضات القلب المستقرة “تتنبأ” بخطر وفاتك!

GMT 02:41 2019 السبت ,05 كانون الثاني / يناير

"الفاتيكان" تجيز استئصال الرحم من المرأة لهذا السبب فقط

GMT 23:19 2013 الأربعاء ,12 حزيران / يونيو

"Gameloft" تستعرض لعبة "Asphalt"بهذا الصيف

GMT 13:12 2013 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

معرض الكتاب الكويتي منصة متميزة لأصدارات الشباب الأدبية

GMT 09:48 2013 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

الإذاعة المِصرية تعتمد خِطة احتفلات عيد "الأضحى"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates