عندما يهذي عون بلسان خامنئي

عندما "يهذي" عون بلسان خامنئي

عندما "يهذي" عون بلسان خامنئي

 صوت الإمارات -

عندما يهذي عون بلسان خامنئي

بقلم : جميل الذيابي

قبل عام تحديداً - في مطلع نوفمبر من العام الماضي- كتبت مقالة بعنوان «ماذا سيحقق عون؟»، وبالفعل كل ما طرحته من رأي حدث كونه من قراءة لتاريخ الرئيس اللبناني الحالي ميشال عون واضطرابه ومصالحه الشخصية وأحلامه القديمة المتجددة!، لاشك في أن استقالة سعد الحريري من رئاسة الحكومة اللبنانية لن تتحول إلى أزمة كبيرة بين السعودية ولبنان

. لكنها أضحت أزمة حقيقية بالنسبة للمعسكر الإيراني الهوى والتمويل في لبنان، وفي قمة هرم عون، الذي أصيب بلوثة جعلته يترك شؤون الرئاسة ليتفرغ لإطلاق تصريحات تتهم السعودية باحتجاز الحريري، الذي أعلن استقالته من الرياض. وهو اتهام نفته السعودية مراراً. ونفاه الحريري بنفسه مرات عدة. واستقبله العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز في مكتبه، بقصر اليمامة في الرياض. وانتقل الحريري جواً إلى أبوظبي، إذ التقى ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد، وعاد إلى الرياض. كما التقى الحريري بطريرك الموارنة بشارة الراعي الذي قام بأول زيارة لزعيم روحي للموارنة إلى السعودية. وبعد سلسلة من تغريدات الحريري التي يؤكد فيها أنه حر طليق، وأنه سيعود، خرج عون ليملأ الأثير بفرية جديدة: ليس الحريري وحده، بل إن أسرته محتجزة أيضاً في الرياض! والحقيقة أن عون شخص متقلب، ومستعد لتغيير قناعاته لأي سبب.

وهو حين اختار أن يتحدث عن مزاعم احتجاز الحريري، قرر أن يكون رجعاً لصدى طهران، متحدثاً بلسان الرئيس حسن روحاني الذي سبقه في اليوم نفسه في إطلاق مزاعم مماثلة. والغريب أن ما يجمعهما، بجانب الهوى الإيراني، أن كليهما يشغلان رئاسة «صورية»؛ السلطة في إيران بيد المرشد علي خامنئي. وفي لبنان السلطة الحقيقية بيد حزب الله الإيراني.

وميشال عون هو أبرز مثال للساسة الذين لا تحكمهم مبادئ، أو أخلاق؛ بل تحكمه مصالحه ومكاسبه. فقد كان مهووساً بالوصول إلى قصر بعبدا، وفي سبيل مصلحته لم يبال بشق الصف المسيحي الذي ينتمي إليه، ليقبل عرضاً من إيران- عبر أداتها (حزب الله) بشرائه مقابل وصوله للرئاسة. وتم التعتيم على ثمن تلك الصفقة بوعود براقة للفئات السنية والمسيحية والشيعية غير الخاضعة لإيران بأن «حزب الله» لن يكون قوة معطلة في الحكومة، وبأن الحزب الإرهابي سيعمل على تحييد لبنان إزاء النزاعات التي تشعل المنطقة، خصوصاً الحرب الأهلية في سورية. وعلى هذا الأساس قبل السنّة - بزعامة الحريري- أن يتولى عون الرئاسة، ويؤلف الحريري الحكومة. وما إن تمت الصفقة حتى عمدت إيران لدفع «حزب الله» لتعزيز مشاركته في الحرب السورية، للدفاع عن نظام بشار الأسد، وتأسيس وجود مسلح في العراق، واليمن، وتعطيل حكومة الحريري التي عجزت عن إنجاز وعودها للشعب اللبناني.

وأضحى وزير الخارجية جبران باسيل- وهو صهر عون- يشكّل السياسة الخارجية للبنان بالكيفية التي تريدها إيران وحزبها الإرهابي. ومواقف باسيل المتناقضة كثيرة جداً. وأصبح عون عنواناً للتيار الذي يقاتل لإسقاط عروبة لبنان، وتأكيد هويته الفارسية إرضاء لطهران، ممثلة بسلاحها الذي يشهره حسن نصر الله بوجه الدولة والشعب السوري وسنة العراق، وبوجه شعب اليمن وأطفاله.

إذن فقد قرر عون أن يتمادى في تشويه السعودية متماهياً مع حليفه الإيراني، بعدما كان قراره في يناير 2017 أن تكون الرياض أول محطة خارجية يزورها بعد أدائه اليمين. والمشكلة أن عون ليس الشرير الوحيد في الساحة اللبنانية. لكن أخيار لبنان أكثر من أشراره. فقد أجمع قادة الكتل المسيحية والدرزية والسنية على تثمين دور السعودية في تعزيز أمن لبنان واقتصاده، بلا منٍّ ولا أذى. ويذكر هؤلاء الأخيار بكل الوفاء الدور الكبير الذي قامت به المملكة في جمع الأفرقاء اللبنانيين في أتون الحرب الأهلية (1975-1990)، وحشدهم في الطائف للتوصل إلى الاتفاق الذي وضع حداً لإراقة الدم في لبنان، ولا يزال اللبنانيون ينعمون بنتائجه، على رغم تفرغ الأشرار لإثارة التوتر، وتلغيم الأجواء السياسية والاجتماعية، اعتقاداً أن السلاح والمال الإيراني يمكن أن يجيِّرا لبنان لهيمنة عملاء إيران وأذنابها.

لقد كان الحريري واقعياً في استقالته حتى وإن تراجع عنها، لأنها حركت الساكن، بدلاً من التمترس مع طائفته وحلفائه في خندق مواجهة مسلحة مع «حزب الله» وعملائه. استقالته أوردت السبب الحقيقي، وهو هيمنة «حزب الله» وتدخلاته وتدخلات إيران، ما أثار جنون «الجنرال» وصهره، لأنها- ببساطة- سحبت الغطاء السني عن رئاسة عون. وإذا لم يعد عنها الحريري، فسيعاني لبنان شغوراً في رئاسة الحكومة، مثلما عانى في السابق فراغاً رئاسياً.

ولا شك بأن استقالة الحريري شأن لبناني محض، وقرار اتخذه الحريري بنفسه. وإذا كان عون يعتقد أن قيامه بتسويق الأباطيل وبث الإشاعات وحشد الفضائيات، والصحف التي يمولها «حزب الله» الإرهابي لتلطيخ سمعة السعودية، فهو يخطئ كعادته منذ كان قائداً للجيش اللبناني، قبل هروبه إلى فرنسا. إذ إن شبكات الإعلام السعودية الداخلية والخارجية أقوى من أن يطاولها بصحفه الصفراء وقنواته الإيرانية المهزوزة. لكن السعودية - كدولة- لن تجاريه في ما يقوم به، لأنها تدرك جيداً أن لبنان ليس عون وحده، ولا «حزب الله» وحده، والرد سيكون ما يراه لا ما يسمعه. وسنرى بعد عودة الرئيس الحريري أي مِشْجَب سيجده عون ليعلق عليه إخفاقه في معالجة الأسباب الجوهرية التي دفعت رئيس الحكومة للاستقالة... وإخفاقه في أن يجد زعيماً سنياً لبنانياً سيقبل خلافة الحريري في رئاسة الحكومة إذا تمسك زعيم تيار المستقبل باستقالته في ظل ظروف حرجة جداً.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عندما يهذي عون بلسان خامنئي عندما يهذي عون بلسان خامنئي



GMT 03:14 2021 الأربعاء ,24 آذار/ مارس

هل يستجيب الحوثي؟!

GMT 00:27 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

الرياض - واشنطن.. ومستقبل العلاقة !

GMT 01:00 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

الملالي.. «والنفخة الجبانــة»

GMT 23:23 2020 الخميس ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

«بيعة» و«قمة».. ووثبات عملاقة
 صوت الإمارات - بلينكن يطلب من إسرائيل السماح باستئناف التلقيح لأطفال غزة

GMT 20:59 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

تطوير مادة موجودة في لعاب السحالي للكشف عن أورام البنكرياس

GMT 20:58 2018 الإثنين ,03 كانون الأول / ديسمبر

شرطة نيويورك تبحث عن رجل أضاع خاتم الخطوبة

GMT 09:44 2018 الخميس ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد بن سعيد يدشن " فندق ألوفت دبي ساوث " فى الامارات

GMT 23:20 2017 الجمعة ,22 كانون الأول / ديسمبر

محمد الشامسي جاهز للمشاركة مع الإمارات أمام عمان

GMT 01:40 2016 الجمعة ,14 تشرين الأول / أكتوبر

حمود سلطان يطالب برحيل المدرب الاماراتي مهدي علي

GMT 10:48 2021 الإثنين ,06 أيلول / سبتمبر

الطاولات الجانبية في الديكور لتزيين غرفة الجلوس

GMT 19:49 2019 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

سيفاس سبور يكتسح قيصري سبور برباعية في الدوري التركي

GMT 00:03 2019 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

يتحالف معظم الكواكب لدعمك ومساعدتك في هذا الشهر

GMT 08:50 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

شباب الأهلي يقهر عجمان بثلاثية في الدوري الإماراتي

GMT 00:38 2019 الخميس ,31 كانون الثاني / يناير

شباب الأهلي يرغب في التعاقد مع الإكوادوري كازاريس
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates