بقلم - منى بوسمرة
منذ أيام اختتمت «الإمارات اليوم»، عبر نافذتها الإنسانية المعروفة «الخط الساخن»، واحدة من أحدث حملاتها الإنسانية والخيرية، بعنوان «ياك العون» في موسمها الثالث، واستطاعت في غضون أيام قليلة فقط، بالتعاون مع محاكم دبي، ودائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري في دبي، جمع خمسة ملايين و708 آلاف و634 درهماً، كانت كافية لتسديد مديونية 51 مواطناً ملاحقاً قضائياً، وذلك تزامناً مع المناسبة الأغلى، عيد الاتحاد الـ51، فأعادت بذلك البسمة والبهجة إلى 51 أسرة إماراتية.
لا يعلم كثيرٌ من القراء أن «الخط الساخن»، وهو قسم مهم من أقسام الصحيفة، تمكّن عبر مجموعة بسيطة من الموظفين، ممن يمتلكون عزيمة قوية، وحساً وطنياً وحباً لا يضاهى للعمل الخيري والإنساني، وعبر سنوات ممتدة بدأت في 2011، من تأمين أكثر من 353 مليون درهم لمصلحة مواطنين ومقيمين مروا بظروف معيشية صعبة، وكانت تلك المساعدات كالبلسم الشافي لهم، وكفيلة بإنهاء معاناتهم ومعاناة أسرهم، وهو إنجاز تفخر به «الإمارات اليوم»، خصوصاً أن جمعيات أو جهات متفرغة لجمع التبرعات وتنظيمها قد لا تتمكن منه.
وقد يسأل البعض سؤالين في هذا الصدد، الأول: ما علاقة صحيفة تختص بنشر الأخبار والموضوعات والتغطيات بالعمل الخيري؟ والثاني: وهل الإمارات بما تمتلكه من ثروات وما لديها من سجل كبير في إغاثة البعيد قبل القريب في حاجة إلى مثل هذا الجهد؟
في الحقيقة، إن «الإمارات اليوم» تتبنى ثقافة تقوم على عدم الاكتفاء بدور المرسل فقط للمحتوى، فشكّل مفهوم التفاعل مع المتلقي أحد أعمدة نجاحها الأساسية، إذ إنها الصحيفة ذات النمط الشعبي، التي اقتربت من نبض قرائها منذ بداياتها، وظلت تحمل شعار التفاعل والتواصل معهم، ليس فقط لنقل ملاحظاتهم وقضاياهم وشكاواهم، بل والإسهام في حلها أيضاً بجهد إنساني منظم، لا يخلُّ بعملها القائم على المهنية والدقة والموضوعية.
وفي الوقت نفسه، فإن هذه النافذة الإنسانية، تشكل تجسيداً لمبادئ مثل التعاون والتعاضد والتكافل، فضلاً عن كونها تعكس شكلاً من أشكال المسؤولية الاجتماعية التي يتعيّن حضورها في عمل كل مؤسسة حكومية وخاصة.
ودولة الإمارات التي تتصدَّر منذ سنوات عدة قائمةَ الدول المانحة من حيث المساعدات والإغاثة، وبما لديها من إمكانات مالية، لديها القدرة على التعامل بكفاءة مع جميع الملاحظات والشكاوى التي تخص مواطنيها، لكنها تحرص أشد الحرص على أن تجعل ثقافة العمل الإنساني والخيري ثقافة عامة، يتبناها الأفراد والشركات والمؤسسات، تعزيزاً لمفاهيم التكافل والتعاضد، باعتبارها من أهم روافع المجتمعات المتقدمة المتحضرة.
ومن هذا المنطلق، أرست الدولة تقاليد واضحة للعمل الخيري والإنساني، ومهّدت له بمجموعة من التشريعات والقوانين، فعلى المستوى الاتحادي، لدينا قانون تنظيم التبرعات، الذي يعد واحداً من القوانين المهمة، لأنه يدعم ثقافة العطاء والعمل الخيري، وينظمها، ويرسم لها المسارات الناجزة، في إطار مجموعة من الضوابط والأحكام، وذلك حفاظاً على أموال المتبرعين، وحمايتها من أية صورة من صور الاستغلال، وضمان وصولها إلى مستحقيها من المستفيدين الحقيقيين منها.
وعلى مستوى إمارة دبي، لدينا مرسوم بقانون بشأن تنظيم جمع التبرعات، منذ عام 2015، وتحرص دائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري بدبي على دعم وتشجيع حملات جمع التبرعات وأنشطة العمل الخيري في إمارة دبي، استناداً إلى أعلى المعايير المعتمدة في هذا المجال، ووفق الضوابط التي يحددها القانون لضمان وصول التبرعات إلى مستحقيها. ولدينا في «الإمارات اليوم» شراكة كاملة وممتدة مع الدائرة، ومع العديد من المؤسسات ذات الاهتمام المشترك.
مستمرون، إن شاء الله، في تعزيز هذا الجانب الإنساني والخيري في عملنا الصحافي، ونعتزم تطوير مساراته وتنويع أشكاله، لنتمكن من خدمة شريحة أكبر من الفئات المستهدفة، وفي أبواب كثيرة، كالتعليم، والسكن، والتوظيف، والعلاج، والزواج، إلى جانب السجناء المعسرين، ودعم المواطنين من ذوي الدخل المحدود، بهمة المتبرعين الذين لا يألون جهداً ولا يترددون في تقديم كل أشكال الدعم والمساندة، سواء كانوا مؤسسات أو شركات أو بنوكاً أو أفراداً، وتبقى الدعوة مفتوحة إلى كل من لديه القدرة على الدعم والمساندة ليمد يده، ويسند هذا الدور الذي نفخر بتقديمه عبر العديد من المبادرات التي سترى النور مستقبلاً.