بقلم - منى بوسمرة
الخلوة الوزارية، التي باتت تقليداً حكومياً إماراتياً، جاءت أمس مختلفة تماماً عن سابقاتها، فهي تحمل رسالة قوية تلفت مضامينها إلى حجم الطموحات التي تسعى الإمارات وقيادتها من خلالها إلى تحقيق قفزات وتحولات كبرى في مسيرتها التنموية خلال الخمسين عاماً القادمة، فهي تأتي في عام يوبيلنا الذهبي لتحتفي بإنجازات خمسة عقود مضت، وتؤكد أن القادم في تاريخ دولتنا لن يقل حجماً ونوعاً عن أعظم النجاحات التي تحققت.
هذا العنوان أضاء عليه محمد بن راشد ومحمد بن زايد، بحكمة واضحة، عبر تتويجهما الخلوة بتكريم خاص لفريق «مسبار الأمل»، والتشديد على أن مشاريع الخمسين القادمة لن تقل عن مستوى مشروع المسبار الذي اعتبره محمد بن راشد «أجمل إنجاز نهديه لشعب الإمارات بمناسبة الذكرى الخمسين لقيام اتحادنا الغالي»، فهذا الإنجاز وصل إلى العرب جميعاً إلى أبعد نقطة في الكون، وعاش ملايين العرب لدى وصوله لحظة فخر غير مسبوقة، ويقود ذلك، كما يبشر محمد بن زايد، إلى مشاريع ضخمة مقبلة وإنجازات أكبر تفتح من خلالها الهمم الإماراتية العالية الأبواب لمسيرة نهضة علمية ومعرفية عربية واسعة.
النهضة التنموية المتسارعة، التي أثبتت الإمارات بجدارة أنها لا تقف عند أي عقبات أو تحديات، تدخل هذا العام مرحلة تحول تاريخية، مع رفع سقف الطموحات، ما بادرت القيادة إلى الاستعداد له بهذا الحشد الوطني الكبير للطاقات، في توجه استراتيجي أصبح نهجاً يميز قيادة الدولة وفكرها، في استباق المستقبل بالتخطيط والتصميم، ووضع التصورات المبتكرة وتحديد الأولويات الوطنية، وهو النهج الذي تأكد صوابه بما أثمرته على الدوام الجاهزية والمرونة وبناء القدرات، من دعائم للمضي قدماً في الأحلام والمشاريع الوطنية الكبرى بإرادة قوية وإصرار.
ومن الأسس القوية التي رسختها قيادة الإمارات، من خلال هذه المحافل الوطنية الكبرى لتصميم المستقبل، هو إشراك الجميع في وضع الأهداف والأولويات، في رصد شامل لنبض احتياجات المجتمع الذي يعد الارتقاء بمتطلباته غاية كل السياسات والمشاريع الحكومية، وتحفيز إسهامه، بكل شرائحه وقطاعاته وأفراده، في رحلة الإنجاز، أولوية القيادة، للحفاظ على التفوق الذي صنعته آلاف فرق العمل الإماراتية المتفردة بقدراتها وتأهيلها في جميع المجالات، بل وما أثبتته، من خلال مثابرة القيادة على تمكينها، من جدارة في مسارات مستقبلية متقدمة تضع اليوم بصمات واضحة في الحضارة الإنسانية.
بروح الفريق الواحد، وفكر قيادي استثنائي، ومنظومة متكاملة ومتطورة من الاستراتيجيات والأجندات الوطنية الطموحة، تنطلق الإمارات، في هذه المرحلة، نحو تاريخ جديد من التفوق والنهضة والإسهام الحضاري عربياً وعالمياً.