بقلم : منى بوسمرة
سياسات الإمارات الخارجية، ارتكزت تاريخياً، على مبدأ الحلول السياسية، في مواجهة الأزمات، والتوترات، وهذا أهم مبدأ تثبته مواقف الدولة، في كل موقع.
كنا هكذا في ملف اليمن، وفي بقية الملفات، بما في ذلك ملف التوترات في الخليج العربي، والذي يعود إلى مواقف الدولة في المنظمات والمؤسسات الدولية والإقليمية والعربية، إضافة إلى تصريحات كبار المسؤولين، والدبلوماسية الإماراتية، يجد بكل وضوح أن الإمارات، لا تؤمن بالحلول العسكرية للنزاعات، وتحض على تجنب الصراعات، وتدعو دوماً إلى إطفاء محاولات التصعيد، من أجل تحقيق الاستقرار.
هذا هو موقف الإمارات، وهو موقف لم يأتِ تعبيراً عن ضعف، بل تعبيراً عن قوة ومكانة واقتدار، وإيماناً بكون التوترات تضر الازدهار، وتمس استقرار الشعوب.
ملف توترات الخليج العربي، شهد مواقف إماراتية بارزة، ونحن كنا دوماً، نعبر عن أهمية الحلول السياسية، وفي الوقت ذاته، لا نقبل أن يتم مس أمن المنطقة، ولا استقرارها، إذ إن الدعوات للحوار والحلول السياسية، لا تعني في أي حال من الأحوال السكوت عن محاولات زعزعة أمن المنطقة، والإضرار بمقدرات شعوبها، وهذا يعني أن دعوات الدولة للحلول السياسية، تتوازى معها، الدعوة لردع الإرهاب، والحزم لاجتثاث خطره، وخصوصاً، حين لا تتوقف الأطراف الداعمة لهذا الإرهاب عن ممارساتها.
أمام هذا الصوت الداعي لسلام المنطقة، والسياسة الإماراتية العقلانية، التي تتطابق أيضاً مع سياسات لدول عربية وعواصم دولية وازنة، رأينا كيف لا تتوقف إيران، عن استفزاز المنطقة، وتهديد العالم، إذ يغيب فيها ما يمكن وصفه الصوت العاقل، ولا تظهر أي دعوات متزنة في مراكز القرار فيها، وتجنح نحو التوتير المستمر، وتجر شعبها البريء، نحو صراعات مكلفة، يدفع فيها أبرياء الإيرانيين الثمن، نتيجة للخفة التي تتسم بها هذه السياسات.
لقد عبرت الإمارات، مراراً، عن موقفها لوقف التصعيد في الخليج العربي، وهو تصعيد يمس أمن العالم كله، فهذه المنطقة هي قلب العالم، وشريانه، ونبضه، وما كتبه معالي الدكتور أنور قرقاش، وزير الدولة للشؤون الخارجية، في تغريدته الأخيرة، يعبر بوضوح عن هذه السياسات، وخصوصاً، حين تتجدد الدعوة لوقف التصعيد، وإيجاد حلول سياسية، لازمات المنطقة، بدلاً من التوترات التي تهدد المنطقة بأسرها.
لقد آن الأوان لأن تمتثل إيران لدعوات العالم إلى الحوار والمفاوضات، مثلما جاء في تغريدة الدكتور قرقاش، وهذه الدعوات التي تؤيدها القوى المعتدلة والمؤثرة في العالم، بنيت على أساس واضح، من الإدراك العميق بكون التوتير والتصعيد، لن يؤديا إلا لمزيد من الخسائر الكبيرة، والحروب التي لا يريدها أحد.
لقد تعبت المنطقة العربية والإسلامية، من عشرات الحروب الصغيرة والكبيرة، التي ابتليت بها بسبب الصراعات الكبرى، أو النزاعات الدينية والمذهبية والطائفية، أو الصراعات على السلطة، ولم تكسب المنطقة، أي شيء، من حروب المائة عام الأخيرة، وبين أيدينا أرقام مذهلة حول خسائر المنطقة، على صعيد الإنسان وثرواته ومستقبله، فوق الخسائر التي لا يمكن حسبانها بالأرقام، ولا تقديرها بالمال، فهي خسائر تحفر عميقاً في شخصية أبناء المنطقة ووجدانهم وأحلامهم.
لا حل لهذه الأزمات، سوى الحل السياسي، ولا بد من تحرك جماعي، من أجل إطفاء نيران هذه الأزمات، وأن تتوقف إيران عن إشعال أزمات جديدة، وأن يجلس العالم، إلى مائدة التفاوض والحوار، من أجل حل ينشد السلام والاستقرار.