بقلم : منى بوسمرة
ذا كان للأمل عنوان، وللعلوم مدرسة، وللطموح ميدان، وللابتكار مختبر، فستجد الإمارات تتقدم الصفوف في تلك الميادين، تشارك وتسهم فيها بكفاءة وفعالية، لسبب وحيد، وهو أنها عرفت كيف تبني الإنسان.
الدليل على ذلك، أنها أنجزت في خمسين عاماً، ما أنتجته أمم أخرى في قرون، وبَنَت دولة يشار لها بالبنان شرقاً وغرباً، وما زالت تواصل البناء، وترفع سقف الطموحات، لأنها تؤمن بأن الإنسان فيها قادر، وبإمكانه تحقيق المزيد والمزيد، وما مسبار الأمل للوصول إلى المريخ، إلا المثال العملي على قدرة هذا البلد على تحقيق المعجزة تلو الأخرى، بسواعد أبنائه.
وبقدر أهمية الجانب العلمي لرحلة مسبار الأمل إلى الكوكب الأحمر، إلا أن الأهمية الأكبر، هي تعزيز ثقافة العلم والمعرفة لدى شعب الإمارات، فهو مسبار أيضاً إلى الثقافة العلمية ونشرها وتعميمها، وتمكين شبابنا منها، لأن من يمتلك العلم، هو من يصنع مستقبله ويتحكم به، وغير ذلك، يعني الوقوف متفرجاً في المنطقة السلبية، على هامش التاريخ والجغرافيا.
من هنا، كانت كلمات حمدان بن محمد، بالأمس، دقيقة في معانيها ودلالاتها، التي تبشر بخمسين سنة قادمة أكثر تميزاً وإشراقاً، فالرحلة إلى المريخ، كما قال، نجحت قبل أن تبدأ. فبعيداً عن التأجيل الفني لإطلاق المسبار، وهي مسألة ضمن خطط وسيناريوهات المهمة، فالنجاح الذي تحقق، لا يقل قيمة وأهمية عن الوصول إلى المريخ، لأن الوصول إلى العقول سبق ذلك، فهو الهدف الأكبر على المستوى الوطني، فرسالة المسبار الأكثر تأثيراً، هي تلك المضامين التي حملتها إلى شباب الإمارات، بأن المستحيل ليس مستحيلاً، بل وهْم صنعه المحبَطون والعاجزون عن تحقيق أحلامهم.
لكن هنا في الإمارات، فالأحلام تتحول سريعاً إلى حقائق، لأن الإرادة صلبة، والتخطيط سليم، والطموح كبير، وبوابات العلوم مفتوحة على مصراعيها، في بيئة ترعى المواهب، وتتبنى تنميتها وصقلها، وقيادة تثق بقدرة تلك المواهب على إطاحة المستحيل.
نعم، هي الثقافة الجديدة التي تغرسها القيادة في عقول ونفوس الشباب، كما قال حمدان بن محمد، ثقافة امتلاك العلوم بعمق، لصناعة وإحداث التغيير للأفضل، وأن أي مهمة قابلة للتحقيق، متى ما امتلك الإنسان العلم، ما يجعل المستحيل سراباً، لا وجود له في مواجهة المعرفة التي لا تعترف به.
قطعنا شوطاً مهماً في هذا المجال، لكن رحلة العلم والمعرفة لا تتوقف، وكل يوم هناك تحديات جديدة، تعطي الحياة أنماطاً جديدة من الإبداع والتفوق، وهو ما أثبتت فيه الإمارات جدارة، جعلتها تقود التحول المعرفي العربي.
هي رحلة جديدة، للخمسين سنة القادمة، ومسبار الأمل، بشرى بغد أفضل، لنا ولأمتنا العربية، وللبشرية، غد مشرق، يصنعه علماء الوطن بعقولهم، مستحضرين حلم زايد، حاملين راية الأمل، التي رفعها صانع الأمل والمجد، محمد بن راشد، الذي نستلهم منه، ونحن نحتفل بيوم ميلاده، معنى الطموح والإنجاز، ليبقى رأسنا مرفوعاً، وإنجازاتنا مستمرة، بثقافة العلم وراية المعرفة.