بقلم : منى بوسمرة
إن وجه الإمارات الحضاري وريادتها التي ما فتئت تثير الإعجاب في غير مجال حيوي نتيجةٌ حيّة ومباشرة للنهج الذي اختطّه الوالد المؤسس، المغفور له الشيخ زايد. وكان في صلبه، وفي موقع الأهمية منه، الرهان الكبير على المرأة الإماراتية، وشراكة أخيها الرجل في المسؤولية إزاء الوطن وتقدمه ورفعته.
هذا النهج الذي سارت عليه القيادة حقّق أهدافه، ووضع الدولة في قائمة الريادة العالمية، بإنجازات استقدمت المستقبل، وجعلت من المستحيل واقعاً ملموساً ومعيشاً، وفي هذا كله كانت المرأة حاضرة بقوة، ومشاركة بفعالية، وصاحبة دور وقرار، تحمل المسؤولية، وتقوم بدورها، وتنهض بوطنها.
ومن هنا، فإن يوم المرأة الإماراتية لم يعد مجرد مناسبة للفت الانتباه إلى أهمية تمكين المرأة، والاحتفاء بها وتكريمها تشجيعاً لها على الانخراط في ميدان الحياة العامة واقتحام سوق العمل، بل مناسبة للتعبير عن الامتنان لها بدورها الريادي الفعلي الذي اضطلعت به في نهضة وطنها، وفي تنشئة أجياله، وتحمّل مسؤولياته الجسام.
لقد كانت المرأة الإماراتية أمانة زايد، تركها للوطن وللقيادة الرشيدة. وها هي، اليوم، تطلّ من مختلف مواقع المسؤولية والعطاء، تعطي الأمثلة واحداً بعد الآخر على حسن رعاية الأمانة، والحكمة الأولى التي استنبطها الوالد المؤسس من سماحة الإسلام، وقيمه الاجتماعية والتنموية التي تفتح أبواب الخير، وتشرع نوافذ المساواة المسؤولة.
درب طويل مثير للإعجاب قطعته المرأة الإماراتية في وقت قصير جداً، ووراء هذا كله جهد دؤوب وعمل مثابر استندا إلى رؤية استشرافية، تضع في اعتبارها المبادئ النبيلة التي بنى عليها المغفور له الشيخ زايد قواعد دولة الاتحاد التي حوّلت مفردة «الإمارات»، التي تشير إلى مجموعة مجتمعة، كلمةً تشير إلى كل متحد، و«بيت متوحّد».
ومن أفضل الخواطر التي تثيرها هذه المناسبة، بالنسبة إليّ، كـ«امرأة على نهج زايد»، هي تلك الرغبة التي تعيشها كل إماراتية بالتوجه بكلمات مليئة بالامتنان والعرفان لسمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، لدورها وفضلها وإنجازها الذي يتجسّد في تجربة كل أم وزوجة وتلميذة وطالبة وعاملة ومسؤولة، والتقدم إليها بالتهنئة، وفي البال ريادتها، وعمق تجربتها، ورؤيتها التي لا تغيب، فترشد الأجيال الجديدة إلى المستقبل، وتمنح الإماراتيات الدافع والحافز إلى أن يكنّ في طليعة نساء العالم المنخرطات في بناء مجتمعهن وتنميته، الساعيات إلى المشاركة بالإسهام في تقديم خير البشرية ونمائها.
و«على نهج زايد» كانت الإماراتيات عند الأمل، وجسّدن أفضل التوقعات، وكنّ ثمرة «روح الاتحاد»، فلم يبخلن على الوطن بالغالي والنفيس، وكنّ على قدر مقتضيات الفداء، وفروض الوفاء للوطن الذي أعزّهن، فانحزن إليه، وتحملن بصبر واحتساب قسطهن من التضحية.
لذا، فإن «أم الإمارات»، التي منحت احتفال هذا العام شعار «المرأة على نهج زايد»، تسجّل التفاتة نبيلة، بالتأكيد أن احتفال هذا العام «هو احتفال بأم الشهيد، وزوجته، وأهله، وعياله، الذين أحسنوا في البذل والعطاء».
إن مسيرة المرأة الإماراتية تملي علينا كثيراً من الحقائق التي لم يتأتَّ للدول المتقدمة تحقيقها إلا عبر عقود، ومن ذلك أنها اليوم تشكّل نحو سبعين في المئة من طلبة الدولة في الجامعات والمدارس والكليات التعليمية والتقنية، وتحتل نسبة تفوق ستين في المئة من الوظائف الحكومية، ثلثها مواقع صنع القرار، كما أنها اقتحمت القطاع الخاص بخبراتها وعلمها، وتدير استثمارات تُقدّر بأكثر من 40 مليار درهم، بجهد نحو 23 ألف سيدة أعمال.
يحق للإماراتية أن تشعر بالاعتزاز بما حققته، فقد أضحت نصف قوة البناء والعطاء، لا مجرد نصف عددي، فهي اليوم مسؤولة وعاملة، وفي الوقت نفسه ربة بيت وزوجة وأم متميزة، وتلميذة وطالبة علم، فهذه هي «المرأة الإماراتية على نهج زايد».
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
المصدر: البيان