بقلم : منى بوسمرة
هي علاقة قادمة من الماضي، ذاهبة إلى المستقبل بثبات يزخر بآليات التعاون التي تستند إلى منطق التاريخ والجغرافيا وعلاقات الجوار بين الإمارات وعمان، لذلك فمنذ البدايات كان إيمان القيادة في البلدين بأن مقومات تعظيم العلاقات وترسيخها بين البلدين والشعبين قائمة على حتمية وحدة المصير والهدف.
من هنا كانت اللقاءات والمحطات البارزة في علاقات البلدين تعكس الحرص المشترك والالتزام الثنائي بتفعيل كل اتفاقات التعاون، والبناء على ذلك في التوسع نحو مزيد من التنسيق المشترك الذي يخدم الطرفين فحقق إنجازات عكست الثقة المتبادلة، ومنها على سبيل المثال الاتفاق المبكر لتنقل الأفراد بالهوية الشخصية بين البلدين الذي ما زال سارياً حتى اليوم منذ إقراره في تسعينيات القرن الماضي.
ما كان يميز لقاءات القمة الإماراتية العمانية منذ عهد زايد إلى اليوم هو فعالية النتائج دائماً التي استندت إلى حكمة زايد وقابوس، فمنحت الطرفين الدعم المتبادل للمضي في مشاريع النهضة والتفرغ لها، باطمئنان تام وقناعة راسخة أن ما يخدم عمان يخدم الإمارات والعكس صحيح، وهي القاعدة التي وضعها الراحلان الكبيران زايد وقابوس، وبقيت منارة لا تنطفئ لعلاقات البلدين.
لذلك ليس غريباً أن تتشابه التجربة التنموية الإماراتية والعمانية في كثير من أوجهها، لأسباب تعود إلى الرؤية المتماثلة بتعزيز استقرار المنطقة والانشغال في التنمية والتحديث وخدمة شعوب المنطقة، والبحث الدائم عما هو مشترك ويجمع الشعبين في علاقة دائمة، فحقق الطرفان نهضة لم تتحقق عند الآخرين، لأن قيادة البلدين اختارت منذ البداية ما هو أنفع لخدمة شعبيهما وتذليل كل العقبات التي تعترض ذلك، فرسّختا علاقة لا تهتز ولا تتأثر بالأزمات المحيطة على كثرتها، لأن الحكمة كانت هي المعيار دائماً.
بالأمس، فقدنا سلطان الوفاء والحكمة ورائد النهضة، لكن العزاء بالإرث الغني الذي تركه لشعبه وللمنطقة وبصماته الخالدة الغنية بالقيم الإنسانية، والذي يشابه إرث زايد، الذي نهتدي به، ومثلما كان خليفة راعياً لذلك الإرث خصوصاً في تدعيم العلاقة مع عمان، فإن حكمة الراحل الكبير ظلت حاضرة وهو يغادرنا، حين أوصى بانتقال الحكم إلى هيثم بن طارق بن تيمور، في اختيار أثنى عليه محمد بن راشد ومحمد بن زايد اللذين ارتبطا بعلاقة أخوية مع الراحل الكبير وخلفه.
وفي التعزية بالراحل، والتهنئة للسلطان الجديد، أكدت قيادة الإمارات المضي قدماً في تعزيز العلاقات الأخوية الراسخة بمزيد من التلاحم والتكامل لخير البلدين، ما يبشر ويطمئن شعبي البلدين أن علاقات البلدين ماضية في الطريق المستدام نفسه الذي رسمه زايد وقابوس.