بقلم : منى بوسمرة
من 3.6 ملايين طالب في الدورة الأولى، إلى 13.6 مليوناً في الدورة الرابعة، بمجموع 35 مليون طالب في الدورات الأربع لتحدي القراءة بين الطلاب العرب، الذي أخذ على عاتقه إثارة حراك معرفي بين جيل النشء العربي قلّ مثيله طيلة عقود.
لم يكن التحدي في القراءة فقط، بل في تشجيع النشء على بناء علاقة دائمة مع الكتاب، وإشراك شبكة كاملة من المدارس العربية (190 ألفاً في الدورات الأربع)، وعشرات آلاف المشرفين في هذا السباق المعرفي، وهو إنجاز يبعث برسالة لكل من له علاقة بالشأن الثقافي والمعرفي في عالمنا العربي والتأثير فيه بإمكانية التغيير وتربية جيل مرتبط بالكتاب باعتباره مستقبله ومستقبل وطنه.
المبشر في تلك الأرقام هو تزايدها بنسب وأرقام تفوق التوقعات، وهو أمر يعكس شغفاً بالعمل والمعرفة لدى أجيالنا، ما يدق جرس إنذار ويضاعف المسؤولية لحماية النشء من الفكر الضال، والإبحار بهم إلى ضفاف النور والعلم والمعرفة التي تبني ولا تهدم.
في تهنئة راعي التحدي للفائزين، حرص محمد بن راشد على التذكير بأربعة أمور: الأول أن المستقبل المشرق يرتبط بأجيال متعلمة ومثابرة على التعلم والمتابعة حتى تنسجم مع عصرها وتتسلح بأدوات التقدم والتغلب على أية تحديات، وعكس ذلك يعني الركود والخمول والسلبية والاستسلام للواقع وبالتالي مستقبل مظلم.
الأمر الثاني: التذكير بتراثنا وأن بلادنا العربية مهد للنور والمعرفة، منذ استجابت لرسالة السماء بأمرها الأول «اقرأ»، وأن التقدم وبناء الحضارة لا يتم باستيرادها، بل بصناعتها من نسيج ثقافتنا وإرثنا، وأن شبابنا وأجيالنا المتعلمة قادرة على استئناف تاريخ أمتهم العريق في إنتاج المعرفة والعلم لخير البشرية وبناء مستقبل مشرق.
الأمر الثالث: أن اللغة العربية لغة خالدة بخلود القرآن الكريم، وأن التمسك بها والحفاظ عليها، لغةً وهُويةً، أمر حيوي في نهضتنا، فكل الأمم التي تحترم لغتها جعلتها لغة العلوم، وهي الأمم التي تقدمت حصراً وحققت إنجازاتها وأهدافها وحافظت على هويتها وسايرت عصرها، وأن الابتعاد عن اللغة يعني ضياع الهُوية والعلم والمستقبل وقبلها الكتاب.
الأمر الرابع: أهمية استمرار رعاية أبطال القراءة والاستثمار فيهم، ليكونوا قدوة تلهم عشرات الملايين من أبناء أمتنا، تزرع الأمل في أوطاننا، فهم بداية الطريق لغد قائم على العلم والمعرفة نمتلك فيه زمام التقدم، وهي معادلة لا تكتمل إلا بالكتاب.
تلك الملايين من طلابنا الذين شاركوا في تحدي القراءة، هم أملنا في مساهمة فعالة في مسيرة الإنسانية نحو التقدم، فالفائز النهائي هو العالم العربي، حيث تشرق تلك النجوم في سمائه ليكونوا منارات في مستقبل أمتهم، التي نؤمن بقدرة أبنائها المؤهلين بالعمل والمعرفة على استعادة مكانة أمتهم التي تستحقها بين الأمم، كما قال محمد بن راشد، والبداية مع الكتاب، لنكون أمة تقرأ لتتقدم