بقلم : منى بوسمرة
كيف تنجح ثم تتفوق وتصل إلى المركز الأول؟ هو أمر ليس سهلاً بالتأكيد، لكن سره بسيط، ويشكل نهج محمد بن راشد في الحكم والقيادة، حتى غدا مدرسة في الإدارة المتفوقة، وهو المتابعة الدقيقة للأمور وامتلاك قوة الإرادة لا إرادة القوة، وهو معنى يعكس نبض دبي بالعمل والحيوية والنشاط والتسامح وكل القيم الإنسانية.
بالأمس كان سموه يؤكد هذا النهج على أرض الواقع متفقداً الاستعدادات والتسهيلات التي تم توفيرها للمشاركين والزوار في معرض دبي للطيران، الذي يكتسب بدورته الجديدة، التي تنطلق اليوم، سمعة عالمية تنافس معرضي فانبرة وباريس بعدد المشاركين والزوار، لكنه يتفوق على المعرضين بحجم الصفقات المليارية التي يتم إعلانها في دبي والتي وصل حجمها إلى 2.4 تريليون درهم على مدى عشر دورات.
والمعنى أن الوصول إلى هذه المكانة الدولية في 16 دورة للمعرض ما كان ليتم لولا المثابرة القوية والرعاية الحثيثة وامتلاك قوة الإرادة لإنجاح هذا الحدث الذي جعل دبي محط أنظار صناعة الطيران العالمية ونقل المعرض وعشرات الأحداث والفعاليات من بداياتها المتواضعة إلى منافستها على الصدارة بين مثيلاتها.
قوة الإرادة أيضاً، لمسناها في حديث محمد بن راشد أن دورة معرض الطيران الحالية ستكون استثنائية، ما يبشر بعقد صفقات وطلبيات تكرس المنطقة قائدة للنمو العالمي في قطاع الطيران، رغم التحديات التي تواجه الاقتصاد العالمي في السنوات الأخيرة.
المعرض مناسبة مثالية لعرض مهارات ابن الإمارات في تنظيم الأحداث الكبرى، لكنه أيضاً منصة مهنية لاستعراض القفزات النوعية التي حققتها الإمارات في صناعة الطيران ونجاحها في رسم صورة مشرفة في تلك الصناعة أمام العالم، خاصة بعد النجاحات التي حققتها في مجال الوصول إلى الفضاء والأقمار الصناعية والصناعات المدنية والعسكرية الدفاعية في مجال الطيران.
دبي قصة نجاح مختلفة تماماً في قطاع الطيران، فهي موطن المطار الأكثر ازدحاماً في العالم لجهة المسافرين الدوليين منذ خمس سنوات على التوالي والذي تجاوز عدد المسافرين عبره من تأسيسه المليار مسافر، فيما تعتبر «طيران الإمارات» درة التاج لشركات الطيران، عدا بقية الخدمات المساندة التي انطلقت للعالمية أيضاً مثل «دناتا».
فمنذ 1989 مع انطلاق الدورة الأولى للمعرض، كان هذا الحدث ولا يزال موضع اهتمام القيادة، ليس لكونه معرضاً تجارياً يتم فيه تعظيم العائدات والموارد، بل لكونه بوابة مثالية لتعزيز مكانة ودور الإمارات على الساحة الدولية ولكونه مرآة حقيقية تعكس مزايا هذا البلد وشعبه، وقدرته على تسجيل النجاح تلو الآخر، وما معرض الطيران وحجم المشاركة العالمية فيه وصفقاته إلا شهادة دولية على أهم نجاحات دبي وأكثرها تحدياً للتاريخ، كما أكد أحمد بن سعيد بتطوره المذهل على مدار دوراته، وتمكين دبي من تطوير نفسها كمركز استقطاب قوي.
التفوق والتميز، شأن إماراتي وتخصص وطني، ساهم في الوصول إليه التأهيل الجيد لأبناء وبنات الإمارات على إدارة وتنظيم الفعاليات الكبرى، كما هو الحال في معرض إكسبو الدولي الذي تعهدت دبي بأن يكون الأكثر إبهاراً وتنظيماً في تاريخ المعرض، كما ساهمت فيه القيم السائدة في الإمارات مثل التعايش والتسامح والانفتاح، وهو ما جدد محمد بن راشد تأكيده، أمس، أن الإمارات ستبقى بإذن الله تعالى، ثم بجهود أبنائها وبناتها، ملتقى حضارياً وإنسانياً وتجارياً لجميع دول وشعوب العالم، وهي رسالة ثقة وأمان لكل الباحثين عن البيئة المثالية للأعمال والعيش من كل الجنسيات والأطياف ومن كل بقاع العالم.