بقلم : منى بوسمرة
عام مر على مقاطعة دولة الإمارات والسعودية والبحرين ومصر للنظام الحاكم في الدوحة، وقرار الدول الأربع لم يكن موجهاً للشعب القطري، وإنما ردة فعل تجاه ما فعله النظام، وبعد أن نفدت كل وسائل النصح لعودة تنظيم الحمدين إلى جادة الصواب.
حين نراجع تداعيات قرار المقاطعة، فإن الخلاصات واضحة، لا يختلف عليها أحد، باستثناء حكام الدوحة، التي تكابر وتصر على أنها في أحسن أحوالها، فيما عزلتها اشتدت على الصعيد العربي والدولي، بعد خسارة هذا النظام المتهور للحلفاء الأشقاء من دول المنطقة وشعوبها، ليأسر النظام نفسه في سجن المكابرة والإصرار على الممارسات العدوانية.
الدول التي بلورت قرار المقاطعة لم تتخذه إلا بناءً على أسس وأسباب ومعطيات، وقد ثبت بعد عام كامل أن هذه الدول اتخذت القرار الصحيح في مضمونه وتوقيته، لأن الدوحة ظلت مستمرة في دعمها للإرهاب، وصعّدت من حملات الكراهية ضد جيرانها، وواصلت بث الفوضى في أكثر من دولة عربية، ولا يمكن لهذا النظام أن يسترد موقعه ما دام يخفي وجهه الحقيقي بأقنعة التضليل، فيما كل تصرفاته لا تزال كما هي سياسياً وإعلامياً وأمنياً.
لتخبرنا الدوحة اليوم من هم الذين يساندونها، سواء بعض المنتفعين والانتهازيين، فهي حكمت على نفسها بالعزلة لسببين، أولهما أن قطر تدخلت سلباً وعدواناً في الشؤون الداخلية في أكثر من دولة، حتى قبيل إعلان قرار المقاطعة، وتسببت في إثارة الفوضى ونشر الخراب، فيما السبب الثاني يعود إلى عدم تجاوب دول العالم رسمياً وشعبياً مع كل ادعاءات المظلومية التي حاولت ترويجها، على شكل روايات ساذجة وكاذبة، وهي مظلومية قد تنطلي على البسطاء، لكن عواصم القرار تدرك أن قطر هي المتسبب الوحيد في أزمتها.
لو كانت الدوحة في وضع طبيعي، لما حاولت فك عزلتها عبر اللجوء إلى حملات العلاقات العامة، وشراء خدمات هذه الشركات، ودفع مبالغ مالية فلكية للوبيات السياسية والبرلمانية، من أجل شن حملات ضد الدول الأربع من جهة، وتجميل وجه نظام الحمدين من جهة أخرى، هذا إضافة إلى الارتماء في أحضان الإيرانيين والأتراك، والبحث عن أطواق نجاة عبر طرق بوابات لم يتم طرقها سابقاً، وكانت النتيجة التي نراها، أن الدوحة لا تزال معزولة، ولم تفدها كل هذه الحملات ولا إنفاق الأموال وغيرها من وسائل الغش والخداع.
ما يمكن قوله اليوم إن الفرق كبير بين قطر والدول المقاطعة، فالدوحة تعيش عزلتها بما تعنيه من كلف سياسية واقتصادية وأمنية، والأزمة تلقي بظلالها على النظام الذي أفلس، ولم يعد بيده أي ورقة ليساوم عليها، فيما الدول المقاطعة لم تتأثر أساساً، لأن الأزمة ليست أزمتها، ولأن كينونة الدول المقاطعة ثابتة وقوية ومنسجمة، وهي أكبر بكثير من أن تتأثر بأزمة قطر التي تلتف حول عنق النظام وحده دون غيره.
بعد مرور عام على مقاطعة قطر، يمكن أن نجدد السؤال للدوحة الرسمية عما ستفعله في العام الثاني من عزلتها، عربياً وإسلامياً وعالمياً، وإلى أين سوف تمضي في هذه العزلة، التي صنعتها بيديها وهي تجر خلفها الشعب القطري، البريء من كل أفعال حكامه، الذي يجد نفسه يدفع ثمن مغامرات النظام ومقامراته، ولو كان هناك منطق عاقل في أروقة الحكم في قطر، لأثيرت التساؤلات عن قدرته على البقاء هكذا إلى ما لا نهاية، بما يعنيه الأمر من مآلات سيئة على كل الصُّعد.
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
نقلا عن البيان