بقلم : منى بوسمرة
دول مجلس التعاون الخليجي وحدة واحدة، وتاريخياً فشلت كل محاولات مس هذه الوحدة، وما نشهده الآن من الدوحة هو الاستثناء، والتي أبت إلا أن تبقى معزولة عن أشقائها، وأن تسبب الكثير من الأزمات التي ارتدت عليها بداية، والسبب في ذلك يعود إلى من يديرون الأمور في قطر، وهي إدارة بائسة فقدت بوصلتها الخليجية والعربية.
مقابل هؤلاء هناك عقلاء في قطر نعرف أنهم لا يعادون أشقاءهم ولهم وزنهم في الداخل وفي العالمين العربي والإسلامي، وهذه الرموز من آل ثاني تحظى باحترام كبير بين القطريين وكل العرب، فهم ينتمون إلى مؤسسي دولة قطر، وفي عهدهم تدفقت الثروات على الشعب القطري، تلك الثروات التي لم يتم تسخيرها ضد الجار الشقيق ولا ضد استقرار العالم العربي.
من هذه الرموز الكبيرة الشيخ عبدالله بن علي آل ثاني، الذي رآه الجميع بكل هذا الحضور والمكانة، وقد تم استقباله من جانب ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان متوسطاً من أجل السماح للحجاج القطريين بأداء مناسك الحج هذا العام، بعد أن تسببت سياسات الدوحة بقرارات المقاطعة وإغلاق الحدود البرية والممرات الجوية، وقد تابعنا كيف لبى خادم الحرمين الشريفين وأمر بفتح معبر سلوى البري للحجاج القطريين، ووجه بإرسال طائرات سعودية إلى مطار الدوحة لنقل الحجاج القطريين وتغطية كلفة حجهم، إضافة إلى ما رأيناه لاحقاً من استقبال خادم الحرمين الشريفين للشيخ عبدالله بن علي آل ثاني بما يثبت أن السياسات العاقلة والمتزنة تؤتي ثمارها، مقارنة بسياسات الدوحة الرسمية الحالية التي تغامر بقطر وشعبها.
مساعي الشيخ عبدالله آل ثاني وتوجيهات خادم الحرمين تثبت أولاً أن الإمارات والسعودية والبحرين ومصر لا تعادي الشعب القطري، ولا تتقصد الإضرار بوجودها واقتصادها، لكنها تقف وبقوة ضد سياسات الدوحة الحالية التي أدت إلى إنفاق مئات المليارات على تصدير الإرهاب وصناعته، فوق ما تقوم به من حملات إعلامية وسياسية تفتقر إلى كل معايير الأخلاق والأخوة والجيرة والتاريخ والإرث المشترك.
لقاء الشيخ عبدالله بن علي آل ثاني مع الملك سلمان وولي عهده يحمل في طياته رسالة عميقة، تقول إن في قطر عقلاء لهم مكانتهم وتأثيرهم في دول الخليج العربي، وإن كل ما تريده الدول الأربع أن تسترد الدوحة عقلها، وأن تتصرف بحكمة واتزان، وأن تتعلم من هذه الرموز القطرية التي كانت على الدوام إيجابية ومتصالحة مع نفسها ومع منطقتها، لكن الدوحة كالعادة تحاول انتقاص اللفتة السعودية تجاه القطريين بعد أن انكشفت أمام مواطنيها، حين أثبتت السعودية أنها لا تسيس الحج، وأن لا مشكلة في الأساس بين الدول الداعية لمكافحة الإرهاب والشعب القطري، فهو شعب شقيق وكريم ويستحق قيادة متزنة تحترم جوارها، ولا تعبث بأمن واستقرار الدول العربية، وتنفق مال القطريين على القطريين بدلاً من حرقه في الصراعات، وتمويل الإعلام المسموم والتسبب بحروب في كل مكان.
نحن نشعر بأمل كبير أن يتغير الحال في الدوحة وأن يتخلص القطريون من هذه الظروف، ولقد كان تصرف الشيخ عبدالله بن علي آل ثاني يدل على حكمة كبيرة، وعلى إدراكه أن لا غنى للشعب القطري عن جواره الخليجي العربي، وأن هذه الحكمة حين تسود تحل مشاكل كبيرة، مثلما أن الموقف السعودي يعبر عن أن المملكة تقف إلى جانب القطريين وتعتبر أن لا مشكلة معهم في الأساس.