بقلم : منى بوسمرة
تجني الإمارات ثمار أدائها السياسي المتوازن تجاه قضايا المنطقة والعالم، ويظهر ذلك جلياً عبر علاقاتها مع دوله التي على الرغم مما بينها من تناقضات أو تنافس أو تضاد، إلا أن الدولة كانت الأقدر دوماً على أن تكون مركزاً سياسياً لمناقشة مختلف الأفكار، ولديها القدرة على الانفتاح على الجميع من أجل صياغة مخرجات لكثير من التحديات.
لقد شهدت الإمارات خلال الأيام القليلة الماضية، زيارات شخصيات رفيعة المستوى وهو أمر ليس جديداً على دولتنا، واللافت للانتباه هنا أن عواصم كثيرة تسعى دوماً من جانبها إلى إقامة علاقات مميزة معنا، برغم الواقع الملتبس الذي يحكم علاقات الكثير من الدول بحسابات دبلوماسية وسياسية معقدة وعلى مستويات مختلفة.
لدينا نموذج العلاقات بين دولة الإمارات وجمهورية الهند، فهي علاقات تاريخية ولها جذرها الممتد عبر مئات السنين، وهي أيضاً علاقة بين الشعبين تأسست عبر الانفتاح الثقافي والتجاري، وأخذت شكلها السياسي في العصر الحديث باتفاقات مهمة جداً بين البلدين على الصعيد السياسي والاقتصادي، والكل يدرك في هذا الجانب مكانة الهند وأهميتها، على مستوى الأمن الاستراتيجي العالمي وتعزيز الاستقرار، وردع الأخطار وهو الذي يمثل أحد أهم معطيات السياسة الإماراتية التي تهتم كثيراً بالانفتاح على الدول الوازنة التي تتبنى ذات الرؤية مثل الهند.
صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، زار الهند مرتين وفي إحدى الزيارتين كان ضيف الشرف للهند في احتفالات يوم الجمهورية، تعبيراً عن مكانته الرفيعة وموقع الإمارات الفريد والعالمي، كما أن رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي زار الإمارات مرتين، والزيارة الحالية سبقتها زيارة كانت مهمة للغاية على مستوى تطوير العلاقات بين البلدين، ومن المؤكد أن هذه العلاقات ستبقى قيد التطوير لصالح الدولتين والسلم العالمي.
إن أهم ما يميز الإمارات في سياستها الخارجية، قدرتها على إدارة هذه العلاقات على أساس الحزمة المنوعة، من العلاقات مع دول وثقافات وحضارات مختلفة، وصياغة معادلات على أساس مشترك بين الإمارات والدول، وإذا حللنا العلاقات السياسية والاقتصادية بين الإمارات والهند، لوجدنا أنها متطورة جداً بما يجعلها علاقة تحالف وفوق استراتيجية، مثلما أن العلاقة من جانب ملف الأمن مهمة أيضاً، لأن الدولة حريصة على تعزيز علاقاتها على أساس تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة، والوقوف في وجه التطرف والإرهاب ودعوات الانزلاق وراء الحروب العبثية.
إن العلاقات مع الهند تعبر كذلك عن بعد ثقافي واجتماعي تتسم به الإمارات، التي يعيش بها عدد من أبناء الجالية الهندية، يعملون بإيجابية ولهم دورهم الذي لا ينكره أحد على صعيد الحياة الاقتصادية، بما يمثلونه من جالية مخلصة لأعمالها، وحرصها واضح على إدامة الصورة الإيجابية لبلادهم على مستويات مختلفة، كما أنهم جزء من التنوع الثقافي الذي تعتز به الإمارات، ويعبر في الأساس عن سياسة التسامح والتعايش التي تعيشها الدولة وهي روح منفتحة على الأمم، وهذا في كل الأحوال ليس جديداً على شعبنا الذي خبر تاريخياً بقية الأمم وتعامل معها بكل احترام وتقدير.
نقلا عن البيان