بقلم : منى بوسمرة
كان لافتاً للانتباه داخل أروقة القمة العالمية للحكومات في دورتها السادسة، الانطباع الذي سمعناه من كثيرين عن الإمارات، سواء شهادات كبار الشخصيات خلال كلماتهم ومداخلاتهم، أو حتى خلال تصريحات الخبراء والمختصين، وهي شهادات تتعلق برأي هؤلاء بالدولة وما تمثله من نموذج متقدم لاستشراف المستقبل.
هذه الشهادات التي سمعناها لم تأتِ مجاملة، بل إن الدليل عليها جاء في اليوم الثاني حين أعلن سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم ولي عهد دبي رئيس المجلس التنفيذي، عن ستة وعشرين مشروعاً مقدمة من أربعة وعشرين جهة حكومية، كلها تستشرف المستقبل وغايتها تطوير الحياة على مختلف المستويات، وبما يثبت تجاوزنا لانتظار المستقبل إلى استدعاء آفاقه المقبلة، وإجراء تحولات ابتكارية تصب لمصلحة الوطن والمواطنين، وبما يجعلنا دولة المستقبل حقاً.
سمو الشيخ حمدان بن محمد أكد خلال فعاليات القمة أن دولة الإمارات تقدم للعالم نموذجاً عملياً للحلول المبتكرة التي يمكن للحكومات تقديمها، لتطوير وإعادة صياغة منظومة العمل بما يحقق سعادة وجودة حياة المجتمعات، وأشار سموه إلى أننا نطلق مرحلة جديدة لصناعة المستقبل سنعمل فيها على ترجمة هذه الأفكار على أرض الواقع، والمبادرات التي أطلقناها هي أفكار لإعادة صياغة مفاهيم العمل الحكومي، ليتبنى أسس المرونة والتكيف مع تغيرات ومتطلبات المستقبل، وقد وجهنا الجهات الحكومية للعمل على تنفيذ هذه الأفكار خلال 24 شهراً.
هذه أهم رسالة في القمة العالمية للحكومات؛ فالإمارات، كما أشرت في مقالي أمس، لا توفر بيئة للعصف الذهني وحسب، بل تقدم الدليل الحيوي على إمكانية إحداث التغيير للأفضل، وهذا دليل على أن دولتنا بكل ما فيها من تطور واستشراف للمستقبل، باتت مؤثرة في المشهد العالمي، وتشد أنظار الحكومات إلى الأولويات التي لا يمكن التعامي عنها أو تجنبها، وقد يكون صحيحاً ما يقال: إن العالم بعد عشر سنوات سينقسم إلى عالمين بينهما مسافات شاسعة؛ أحدهما متطور وذكي ويتطابق مع لغة المتغيرات المتسارعة، وآخر يتفرج ولا يمكنه اللحاق لأنه لم يتنبه إلى الدعوات التي يتم إطلاقها الآن إلى ضرورة التغيير، لإعادة صياغة كل البنى الداخلية، وهذا سيؤدي حصراً إلى مصاعب كبرى للدول والحكومات التي لا تلتفت لما يجري.
حين نقرأ عن المبادرات التي أطلقها سمو الشيخ حمدان بن محمد، ضمن «دبي X 10»، التي تشرف عليها مؤسسة دبي للمستقبل، وتم اعتمادها عقب قيام لجنة متخصصة تضم نخبة عالمية من الخبراء والمختصين، بدراسة ومراجعة أكثر من 160 فكرة تم تلقيها للمشاركة في المبادرة من 36 جهة في أقل من 365 يوماً، فإننا نكتشف أن أغلبها يرتكز على الجانب الرقمي والتطوير الذكي للخدمات الحكومية، والغاية النهائية هي سعادة البشرية بتسهيل الحياة وما تتطلبه من وسائل، وهي أفكار مبدعة، وفوق ما فيها من ابتكار فإنها تحض أصحاب الطموح على الاقتداء بدولتنا، التي تستحق عن جدارة أن تكون مختبراً عالمياً للأفكار، ونموذجاً قادراً على أن يحولها إلى واقع يراه الناس ويلمسه الجميع.
هذه القمة العالمية تبث فينا الروح الإيجابية، لأنها تقول لكل مهتم: إن التغيير لم يعد خياراً، بل بات خياراً إجبارياً للأمم والشعوب الحية والمستعدين لأخذ زمام المستقبل. نقلا عن البيان