بقلم : منى بوسمرة
ظنت الدوحة وكل ظنها إثم أن بإمكانها شق وحدة الدول الداعية لمكافحة الإرهاب، اعتقاداً منها أنها بهذا المكر المكشوف قادرة على التأثير في مواقفها، ومارست خلال الشهور الثلاثة الماضية هذه السياسات الصبيانية التي تليق بالهواة وليس بمحترفي السياسة بدلاً من أن تسارع إلى حل أزمتها مع أشقائها.
وسائل كثيرة لجأ إليها تنظيم الحمدين من أجل شق صف الدول المقاطعة، وهو لا يعرف أن وحدة الموقف هذه بنيت على أساس صلب وليس على لحظة عابرة أو مؤقتة، والطريقة التي تدير بها الدوحة إعلامها بحيث أنها تركز بشكل سيئ على دول وتترك أخرى للإيحاء بأن خلافها مع هذه العاصمة وليس كل الدول الأربع، ومن الطريقة التي أعلنت فيها الدوحة خبر اتصال أميرها بولي العهد السعودي إشارة واضحة للتضليل بأن أمراً ما يتم دون علم بقية الدول، وهو الأمر الذي سارعت الرياض إلى الرد عليه بتعطيل كل الاتصالات رداً على هذه التصرفات.
الأمثلة لا تعد ولا تحصى التي تؤكد الخفة التي تطغى على العقل السياسي لدى حكام قطر إذا كان هناك عقل سياسي في الأساس يدير شؤون هذا البلد، واعتقاد الدوحة أن بإمكانها الاستفراد بدولة دون أخرى اعتقاد بني على الأوهام وعدم إدراك أن موقف الدول الأربع بني في الأساس على تفاهمات عميقة، تشكلت من جراء تصرفات الدوحة التي سعت بكل قوة إلى مس أمن المنطقة، وهدم الدول وتبني تنظيمات الشر وتصدير الفكر الإرهابي.
وحدة الموقف لدى الدول الداعية لمكافحة الإرهاب قوية جداً ولابد أن أشير هنا إلى نقطتين، الأولى أن هذه الوحدة بنيت على أساس أدلة ومعلومات ووثائق تثبت تجاوزات الدوحة الأمنية والسياسية ضد أمن الدول العربية ودعمها للإرهاب، ولم يأت هذا الموقف تسلطاً ولم يخضع القرار بالمقاطعة لمعايير شخصية أو لردود الفعل، بقدر كون القرار بني على اعتبارات عميقة مؤيدة بالبراهين، فيما النقطة الثانية ترتبط بكون هذه القرارات حق سيادي لهذه الدول، وهو حق مصان قانوناً على المستوى المحلي والإقليمي والدولي، ولا تتعارض هذه القرارات مع أي منظومة قانونية للعلاقات بين الدول، خاصة حين تصب هذه القرارات في مصلحة أمن واستقرار المنطقة وكبح الإرهاب، ومنع دعمه إعلامياً وسياسياً وعسكرياً ومالياً، ولا أحد يختلف هنا على حق الدول في حماية أمنها من جهة، وأمن المنطقة بشكل عام، باعتبار أن هذه سياسات تتبعها الدول بشكل طبيعي وليس ثمة حاجة إلى تبريرها.
تذهب الدول الأربع إلى اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة وهي على موقفها وبتنسيق عالي المستوى، وبرؤية مشتركة لا يمكن زعزعتها أو مسها بأي حال من الأحوال، والقضية التي تحملها هذه الدول قضية تهم كل دول العالم في موقع مثل الأمم المتحدة، الذي لابد من التعبير فيه عما عانته المنطقة من السياسات القطرية برعاية الجماعات التخريبية، والسعي لخلخلة الدول المستقرة في توقيت يعاني فيه العالم من آثار هذه التصرفات وكلفتها على الجميع، وبالتأكيد فإن الأمم المتحدة الموقع الأهم الذي لابد أن تنكشف فيه حقيقة قطر التي تظن أن بإمكانها توظيف هكذا اجتماعات للتباكي على أحوالها، في محاولة لبيع مظلوميتها الزائفة لإخفاء دورها الأساس، وهو دور بات العالم يعرف قبحه على كل المستويات.