بقلم _منى بوسمرة
من دون استباق لنتائج التحقيق الذي تجريه السلطات الإماراتية بالتعاون مع الجهات الدولية، حول الحادث التخريبي الذي وقع أمس في خليج عُمان بالقرب من المياه الإقليمية لدولة الإمارات، فإن للحادث دلالاتٍ مهمةً وخطيرة تمسّ وتهدد الملاحة التجارية الدولية في ممر ملاحي استراتيجي، وتعيد التذكير بمواقف الإمارات المتكررة التي تدعو المجتمع الدولي للقيام بمسؤولياته لمنع أي أطراف تحاول المساس بأمن وسلامة حركة الملاحة البحرية.
حادث الأمس يؤكد من جديد أن ضمان حرية وسلامة الملاحة الدولية مسؤولية المجتمع الدولي الذي تمر تجارته وسفنه من هذا الممر الملاحي الحيوي للتجارة العالمية، وليست مسؤولية الإمارات وحدها، وهو مطالب اليوم وأكثر من أي وقت مضى بإظهار الحزم الكامل لإيقاف أي تصرفات رعناء تهدد حركة التجارة البحرية العالمية في ظل التوترات الحالية، فالحادث وقع خارج المياه الإقليمية للدولة، وداخل مياهها الاقتصادية التي تمتد لمسافة 200 ميل بحري وفقاً لقانون البحار الدولي، ما يعني أن ضمان السلامة البحرية في أعالي البحار هي مسؤولية دولية في المقام الأول ضد كل المهددات والتحديات.
بيان وزارة الخارجية جاء متوازناً، منتظراً التحقيقات، لكنه بقدر ما حمل من تحذير، استهدف أيضاً بث الطمأنينة ونفي الشائعات التي تحدثت عن وقوع الحادث داخل ميناء الفجيرة الذي يعمل بكامل طاقته وبشكل طبيعي مثله مثل بقية موانىء الدولة، بعد أن سارعت الأبواق الإعلامية الخبيثة لاستغلال الحادث ونشر الشائعات، وهي لا تدرك أن المتضرر الأول من هذه الحوادث هي الجهات التي تدافع عنها وتروّج لسياساتها التي تستهدف المسّ باستقرار المنطقة.
الحادث يجدد طرح الإشكاليات المتعلقة بأمن الملاحة التجارية ومساراتها، خاصة أنها مسارات تمثل الشريان الاستراتيجي الأهم في العالم، ما جعلها محطَّ اهتمامه، الأمر الذي يعني أن هذه الممرات المائية تحتاج تعاوناً دولياً أوسع وأشمل لثلاثة أسباب: الأول ضمان المرور الآمن والحر للتجارة الدولية، والثاني حماية الفرص الاستراتيجية المتاحة التي يمكن استغلالها، والثالث أن مثل هذا الحادث يؤثر بشكل خطير على السلم والأمن الإقليمي والعالمي.
صحيح أن الحادث يأتي في ظل توترات حساسة في المنطقة تستدعي اليقظة والحذر، لكنه لا يعني الاستنتاجات المتسرعة التي قد تدفع الأمور إلى مسارات أكثر تعقيداً وحساسية، وحتى لا تخرج الأمور عن السيطرة والانجرار خلف جهات تحاول استغلال الحادث لتحقيق مكاسب دعائية أو معرفة ردات الفعل.
في النهاية، نحن مطمئنون لقدرة الإمارات، وبالتعاون مع الجهات الدولية، على توفير الأمن لهذه المسارات، وقد سبق لها أن أثبت ذلك عبر عمليات في أعالي البحار ضد أعمال التخريب والقرصنة التي استهدفت التجارة الدولية، أعقبها تدنٍّ كبير في أعمال القرصنة والتخريب.
مخطئ من يعتقد أنه بأعمال التخريب يستطيع أن ينتزع تنازلاً أو تراجعاً من الإمارات عن مواقفها المبدئية الثابتة، فمثل هذه الأعمال تؤكد صحة مواقف الإمارات وتزيد سياساتها ثباتاً في العمل على حماية الملاحة البحرية وملاحقة مرتكبي تلك الأعمال سواء كانوا أفراداً أو جماعات أو دولاً وفقاً للقانون الدولي.