بقلم : منى بوسمرة
وسط مناخات اليأس والتشكيك التي تعصف بأكثر من مكان في عالمنا العربي على كل المستويات، ومع كل ما نراه من صراعات وشيوع للكراهية في دول عدة، حيث غاب معها أمل الحياة الكريمة مع تبديد الثروات على حروب عبثية، تشع من دولة الإمارات منارات الأمل وسط كل هذه الظروف المحبطة، ليصل إشعاعها إلى كل العالم.
السر في ذلك يعود إلى قيادة ملهمة أبت أن يكون الخير محصوراً في الدولة فقط، بل هدفها حض كل العرب على التغيير وعلى هزيمة كل هذه المناخات السلبية التي اختطفت مستقبلهم، وأن يستردوا تاريخهم المجيد بالفعل قبل القول، خاصة مع امتلاكهم القدرة على فعل ذلك.
مبادرة «صناع الأمل» التي أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، العام الماضي، عززت العطاء وعمل الخير بطريقة مبدعة لافتة تركت أثراً عظيماً، إذ تلقّت حينها أكثر من خمسة وستين ألف مبادرة شخصية أو مؤسسية مبتكرة في مضمونها وأدوات تنفيذها، وكرّم سموه نهاية المطاف الفائزين الخمسة بمليون درهم لكل فرد.
دائرة الخير هذه كبرت، ويكفينا أن المبادرة صنعت حالة حراك في العالم العربي، حضّت كل إنسان ومؤسسة على فعل الخير وصناعة الأمل للآخرين، مثلما حفزت لدينا جميعاً الطاقة الإيجابية لفعل المزيد خدمةً للمجتمعات، بدلاً من الشعور بالضعف واليأس وعدم القدرة على التغيير.
أطلق صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، أمس، الدورة الثانية من مبادرة «صناع الأمل»، تحت عنوان «مطلوب للعمل معنا في عام 2018»، قائلاً: «سنظل نحارب اليأس والتشاؤم في عالمنا العربي بآلاف القصص الاستثنائية، وآلاف الأفراد من صناع التغيير الإيجابي، وكل شخص لديه بذرة الخير، وأدعو الجميع إلى الانضمام لرحلة الأمل، هناك من يصنع الفرق ويسهم إيجابياً تجاه معاناة الناس، وهناك من يتفرج، لدينا الآلاف ممن يعملون الخير، يرعون الأيتام ويطعمون الجائع ويدعمون الشباب ويعالجون المرضى، هؤلاء هم شعلة الأمل في وطننا العربي الكبير».
اللافت للانتباه في هذه المبادرة وغيرها من مبادرات أطلقها سموه أنها تركز على تحفيز الإنسان العربي إلى التغيير الإيجابي، وتسعى إلى انتشاله من واقعه المحبط، وأن يعمل الجميع معاً من أجل صناعة المستقبل المأمول، إضافة إلى أن روح هذه المبادرة تحديداً تعتمد على قدرة الإنسان على العطاء وفعل الخير دون انتظار مقابل، لأنه يقوم في الأساس على العمل الخالص لوجه الله تعالى، فهو سلوك استثنائي لأناس لديهم قدرة خاصة على البذل، ولهذا يصفهم سموه بالنجوم مقابل من يتفرجون ويتّسمون بالسلبية.
هذه المبادرة ليست مجرد توزيع للجوائز، بل إن رسالتها عميقة جداً، تقول للعرب إن علينا أن نعزز التزامنا الأخلاقي والإنساني تجاه مجتمعاتنا، وألّا نكتفي بالمشاهدة، بل نمد يد الإعانة والإغاثة من أجل الحياة التي نتمناها، هي مبادرة من أجل أجيال عربية تؤمن بأن المستقبل يُصنع بهمتنا وأيدينا، ولا يتنزل على واقع هذه الأمة دون بذل وعطاء. نقلا عن البيان