محمد الحمادي
غريب أمر الشقيقة قطر، تترك الحلول البسيطة وتبحث عن المعقدة، وتترك الاحتمالات القريبة، وتذهب إلى الاحتمالات البعيدة، تذكرنا بالمثل الشعبي «وين أذنك يا جحا»، فمشكلة قطر مع دول مجلس التعاون، وعلى شواطئ الخليج العربي الدافئة دائماً والساخنة حالياً، وبدلاً من أن تجد حلاً لمشكلاتها مع السعودية والإمارات وباقي الدول العربية، فإنها تذهب بعيداً وتقف على أبواب دول العالم عبر سفاراتها لتدافع عن نفسها، وتبرر تصرفاتها، وتلقي باللوم على الإمارات والسعودية، وتحول الأزمة الحالية إلى مجرد «حملة إعلامية» وتصفها بـ «الخبيثة»؟!
فعنوان الرسالة التي تلقتها السفارات القطرية في مختلف دول العالم هو «الحملة الإعلامية الخبيثة ضد دولة قطر»... هذا ما تريد أن تقوله قطر للعالم، وهذا ما تريد أن يفهمه العالم، وتنسى قطر أننا نعيش في عام 2017، في عصر ثورة المعلومات، وفي الزمن الذي لم يعد فيه العالم يعتمد على قناة الجزيرة لمعرفة الخبر والمعلومة، فقد أصبح فضاء الإعلام والمعلومة مفتوحاً على مصراعيه، كما أن حبل الكذب لم يعد طويلاً، كما كان، فالسوشيال ميديا جعلته حبلاً قصيراً جداً.
في هذه الرسالة أعادت الخارجية القطرية نظرية «الاختراق والفبركة»، التي فشلت في أن تقنع بها الخليجيين والعرب، وأصبحت تحاول اليوم أن تقنع بها الغرب والشرق، وبدلاً من أن تصحح وضعها، وتعلن عن موقفها الحقيقي تجاه إيران والإرهاب والتطرف في العالم، أخذت تتباكى في رسالتها حول «حظر» الوصول إلى المواقع الإخبارية القطرية وموقع قناة الجزيرة في السعودية والإمارات!.
وادعت الرسالة القطرية أن «حكومة قطر ترغب في إعادة تأكيد أهمية استقرار وأمن منطقة الخليج، ونزع فتيل التوترات بين الدول الشقيقة، وحماية إنجازات دول مجلس التعاون الخليجي»، ولكنها تكرر في رسالتها ازدواجية الخطاب والتناقض الذي يبدو أنها غير قادرة على الخروج منه، فقد استدركت في رسالتها وقالت: «إن ما يحدث هو حملة ممنهجة خططت لها ونظمتها بعض الدول العربية داخل وخارج منطقة الخليج».. وأن تلك الحملة تهدف إلى تقويض جهود قطر الرامية إلى تعزيز الاستقرار والأمن على الصعيدين الإقليمي والدولي!
والغريب في رسالة قطر لسفاراتها أنها حملت تحذيراً مخيفاً، وأصبح على دول الخليج أن تأخذه بمحمل الجد، فقد قالت: «تحذر قطر من أن أي تصعيد سياسي من الممكن أن تكون له تداعيات جسيمة، وتمنح الفرصة للجماعات الإرهابية والطائفية والمتطرفة لكي تستغل ذلك الوضع، وتقوض استقرار وأمن المنطقة والروابط المشتركة لمجتمعاتها».
وأنهت رسالتها «بتنبيه» الدول الشقيقة والصديقة إلى «أهمية إنهاء حملة التصعيد تلك».. الفرق بين دول الخليج وقطر، هو أن قطر فقط تريد التوقف عن تصعيد ما تعتبره «حملة»، بينما السعودية والإمارات والخليج تريد تصحيح الحالة القطرية وأن تتوقف عن السماح بدعم وتمويل الإرهاب من أرضها.