محمد الحمادي
قطر تستمر في الرهانات الخاسرة، بل وتصر عليها، فبعد أن راهنت على الإخوان وخسرت، وراهنت على الإرهاب وخسرت، ها هي اليوم تأتي لتراهن على الجار الغريب وعلى الأجنبي ونعلم جميعاً أنها ستخسر، بل وستذوق الويل من وراء ذلك.
بالأمس كانت تصريحات وزير خارجية قطر مسيئة لحكومته، وهو يتكلم عن الأزمة، ويقول إن قطر ليست مستعدة لتغيير سياستها الخارجية لحل النزاع القائم، ويدعي أن «قطر تواجه العزلة بسبب نجاحها وتقدمها وأنها منتدى للسلام لا الإرهاب».. فإذا كانت قطر منتدى السلام فمن هي منتدى الإرهاب حقاً؟! من الواضح أن الوزير وقيادته يحاولان إنكار كل شيء، والغريب أن قطر تستنجد بحماية دولتين غريبتين وتطلب من إحداهما حماية عسكرية!
قطر واهمة - فوق الوهم الذي عاشته لعقدين ماضيين - إن كانت تعتقد أن هذه القوات الأجنبية تحميها، كما هي واهمة، إن كانت تعتقد أن لدول المجلس أي نوايا عسكرية في هذه الأزمة، فأوهام قطر تذهب بعيداً يوماً بعد يوم وتزداد ابتعاداً كلما ضاق الخناق عليها، وحصارها ليس ما نراه براً وجواً وبحراً، بل حصارها الحقيقي هو مواجهتها بأفعالها وتصرفاتها في حق دول المنطقة، وذلك بالدليل والبرهان القاطع الذي لن يقنع المواطن الخليجي والمواطن العربي فقط، بل وسيقنع المواطن القطري نفسه هذه المرة، وبعض القطريين الذين يعيشون مرحلة الصدمة وتكذيب كل ما يقال عن حكومتهم، لن يكون أمامهم غير الاعتراف بالحقيقة والتسليم بقرار أشقاء قطر، عندما يرون التهم الموجهة لقطر مقرونة بالأدلة والحجج الواضحة.
إعلان السعودية والإمارات والبحرين ومصر تصنيف 59 فرداً و12 كياناً في قوائم الإرهاب لديها وجميعها مرتبطة بقطر، هذا الإعلان يدين قطر، كما أن المعلومات التي تتكشف عن تورط قطر بتمويل جماعات إرهابية بملايين الدولارات، بل وربما المليارات تضع الحكومة القطرية في موقف لا تحسد عليه أخلاقياً وقانونياً، فهي اليوم غير قادرة على الدفاع عن نفسها، وفِي نفس الوقت لا ترغب في الاعتراف بأخطائها التي ستدفع ثمنها عاجلاً أو آجلاً.
المحزن أن أيادي قطر السوداء - التي كان يفترض أن تكون بيضاء بما أنها تدعي أنها تعمل الخير وتساعد المحتاجين - امتدت للمكان الخطأ والأشخاص الخطأ، امتدت لجماعات إرهابية كالإخوان والقاعدة والنصرة والحشد والحوثي وغيرها من جماعات القتل والموت والتدمير والتخريب والفتنة في المنطقة، فكيف تدافع قطر عن نفسها؟ وكيف تكفر عن أخطائها وعن الجرائم التي ارتكبت بأموالها القذرة؟
حتى يوم أمس، القيادة القطرية تكابر وتعاند وتهرب من أشقائها الخليجيين والعرب، وكم كان موقفها سيئاً وهي تقابل الشيخ صباح الأحمد، حفظه الله، الذي حاول أن يصلح الأمور ويعيدها إلى نصابها، لكن من الواضح أنه اكتشف أن لا حل لهذه الأزمة وأن الطريق مسدود بسبب ما اقترفته الحكومة القطرية.
ربما أمام قطر فرصة أخيرة، أن تفكر في مصلحة شعبها، وأن تنقذ ما يمكن إنقاذه.