بقلم : محمد الحمادي
تدخل أزمة قطر مع جيرانها العرب عامها الثاني بعد أن أنهت عاماً من المقاطعة والقطيعة السياسية والاقتصادية والدبلوماسية، لقد حاولت الدول الأربع المقاطعة لقطر، وهي المملكة العربية السعودية، ودولة الإمارات، وجمهورية مصر العربية، ومملكة البحرين، أن تعيد النظام القطري إلى صوابه وأن تجعله جزءاً مسؤولاً من هذه المنطقة ويشارك الآخرين هموم المنطقة وتحدياتها، ولكن قطر رفضت ذلك قبل المقاطعة وأصرت على الرفض بعد المقاطعة، الأمر الذي وضعها في موقف صعب جداً.
وقد أصبح النظام القطري وحيداً في منطقة يفترض أنه جزء منها، وبدلاً من أن يفعل هذا النظام أي شيء يعيده إلى محيطه العربي أصر على الابتعاد أكثر، واختار الذهاب إلى الغريب والارتماء في أحضان طهران وأنقرة.
ثلاثمئة وخمسة وستون يوماً من العناد والمكابرة ونشر الأكاذيب ورفض الاستماع إلى صوت العقل، اثنا عشر شهراً من الجري وراء الوهم والبحث عن حلول غير واقعية عند دول وأشخاص لا يملكون الحل ولا يعرفون كيف يضعون نهاية للمشكلة، فقد ذهب النظام القطري إلى الغرب والشرق وجلس في الولايات المتحدة يبحث عن حل لمشكلة المقاطعة التي يعاني منها أشد المعاناة، ذهب مسؤولو النظام بعيداً آلاف الكيلومترات ونسوا أن الحل قريب منهم لا يبعد سوى مئات الكيلومترات!
عام كامل كان كفيلاً بأن يكشف كل ألاعيب وتصرفات قطر، وكل ما قام به نظام قطر ضد دول المنطقة وضد مستقبل شعوبها، وبلا شك إن العالم فوجئ كثيراً بقطر، وخصوصاً تلك الدول والشعوب التي لم تكن تعرف حقيقة نظام قطر وحقيقة تحركاته وتصرفاته وأهدافه، اليوم انكشف النظام القطري للجميع ومن لا يزال يرتبط معه بعلاقات، فإن ما يبقي هذه العلاقات هو المصلحة المادية الآنية فقط، ولا شيء غير ذلك.
وبلا شك إن مكابرة قطر وعنادها واستمرارها في المشاغبة وإثارة المشاكل لن يضر أحداً غيرها، وهي التي دفعت ثمناً باهظاً خلال العام الماضي، وإن كانت تتظاهر بخلاف ذلك إلا أن الحقيقة تكشفها الأرقام وحركة التجارة والاستثمار وما يعانيه الاقتصاد، وكذلك ما بقي لها من سيولة في الصندوق السيادي.
قطر وهي تطفئ اليوم الشمعة الأولى للمقاطعة التي تظهر بأنها مستمتعة بها ولا تؤثر عليها تأكدت أن الدول الأربع لم تكن تطلق الدعايات الجوفاء عندما قالت إنه لا مشكلة لديها إن استمرت المقاطعة عاماً أو عدة أعوام، كما أنها لم تكن تبالغ أو تتهكم عندما قالت إن أزمة قطر صغيرة جداً جداً جداً، فالجميع يرى أن الدول الأربع لم تعد تعير أزمة قطر اهتماماً خلال الأشهر الماضية وانشغلت بكثير من القضايا والملفات الداخلية والخارجية التي تهم دولها وشعوبها والمنطقة.
أخيراً إذا أرادت قطر أن تتخذ قراراً اليوم، فعليها أن تدرك أن الطريق الصحيح والمختصر والمفيد هو طريق الدوحة الرياض وليس في غير هذا الطريق أي حل.
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
نقلا عن الاتحاد