بقلم : محمد الحمادي
في قطر يدّعون أنهم يراهنون على حكمة الملك سلمان، حكمة الملك سلمان ليست قطرية، وإنما حكمة عربية إسلامية أخلاقيه إنسانية، فهل تتحمل قطر حكمة الملك، وهل تستطيع أن تستفيد من حكمة الملك سلمان؟
المعطيات لا تشير إلى ذلك، فكل ما حدث في الأيام العشرة الأخيرة منذ بدء الأزمة الحالية إلى اليوم يشير إلى أن قطر لا تستمع إلى أحد، وإنما تصر على مواقفها السابقة والمعروفة، فحكمة الملك سلمان واضحة لمن يريد أن يستفيد منها، فما على الدوحة إلا الرجوع إلى ما قررته قمم الرياض الثلاث في مايو الماضي، وأن تلتزم بها الالتزام الفعلي والصادق، وإذا أرادت الاستزادة من الحكمة السعودية فعليها أن ترجع إلى اتفاق الرياض في عام 2014، وستجد فيه من الحكمة ما يوفر عليها عناء الاستمرار فيما هي فيه، أما إذا كانت تقصد بحكمة الملك سلمان أن يتم إغلاق ملف الأزمة الحالية بسياسة «حب الخشوم» التي اعتادت عليها قطر طوال العشرين سنة الماضية فعليها ألّا تعوّل كثيراً على ذلك، فمرحلة «حب الخشوم» انتهت وتم تجاوزها، والتعويل عليها ليس من أدوات المرحلة الحالية.
الحكمة العربية والسلمانية تقول إذا صدقت قطر في رغبتها في حكمة الملك سلمان، أو حكمة الشيخ صباح، أو حكمة أي من حكماء العالم فعليها أن تعير الحكماء سمعها وتعطيهم اهتمامها وتلتزم بما ينصحونها به، وقبل كل ذلك يجب أن تتوقف عن اللف والدوران والتلاعب بالملفات الهزيلة وألّا تدفع من يعملون لمصلحتها لافتعال إشكاليات «صبيانية» لا تحل الوضع وإنما تزيده تأزيما.
قطر اليوم عالقةً أكثر من أي وقت مضى، هي في موقف لا تحسد عليه أبداً أمام الرأي العام الخليجي والعربي، كل الملفات المسكوت عنها عربياً وخليجياً ودولياً أصبحت متاحة ومباحة، وما يزيد الوضع صعوبة أن قطر لا تستوعب ذلك، وهي مصرة على أن تغرد خارج السرب، متجاهلة كل مقتضيات المرحلة الحالية وتغيراتها الجوهرية، ورهاناتها الحالية لا قيمة لها في ظل تلك المتغيرات، وأمامها طريق واحد لا ثاني له، وهو العودة للحضن الخليجي والبيت العربي الكبير.
أما السعودية، فتبقى الشقيقة الكبرى التي تهمها مصلحة المنطقة ودولها، وتعمل من أجل خير الأمتين العربية والإسلامية، ولا أحد يشك في ذلك، وعلى قطر أن تعترف بدور السعودية، ودور مصر المركزي في الأمة العربية والإسلامية، وأن تعمل ضمن هذا الإطار لبناء ما تم هدمه وليس لاستكمال هدم الذي لا يزال قائماً وصامداً، ويجب أن تستوعب قطر أن لا أحد يبحث عن «انتصار» عليها، كما يعتقد البعض في قطر، بل العكس هو الصحيح، فالجميع يتمنى أن تنتصر قطر على أعداء الأمة وعلى الإرهاب والإرهابيين، ومن قاموا بتوريطها في قضايا هي في غنى عنها، ففي ذلك الوقت ستكون الإمارات والسعودية ومصر أكثر الدول سعادة بعودة قطر إلى وضعها الطبيعي، وزوال الشر عنها