بقلم : محمد الحمادي
تكرر عليّ سؤال عشرات المرات منذ نشوب الأزمة الحالية في الخليج العربي ومقاطعة السعودية والإمارات ومصر والبحرين ومعهم عدد من الدول العربية والإسلامية لدولة قطر، والسؤال هو: هل سيتم طرد قطر من مجلس التعاون الخليجي، وهل ستحرم من مقعدها في جامعة الدول العربية؟
ما يجعله في غير محله، هو أن خطوة المقاطعة أكبر وأشد من طرد قطر من مجلس التعاون الخليجي أو من جامعة الدول العربية، خصوصاً إذا علمنا أن قطر هي التي تركت مكانها في هذين المحفلين العربيين بعدما ارتكبت كل تلك الخطايا، والشيء المهم الذي لم تفهمه قطر بعد، هو أن الهدف ليس إبعادها عن محيطها، بل إعادتها إلى مكانها الطبيعي الذي انسلخت منه، فقرار المقاطعة هدفه إعادة قطر بشكل أقوى إلى الحضن الخليجي والبيت العربي الكبير، والشيء الآخر هو أن هذه المقاطعة العربية الكبيرة هي أكثر تأثيراً على قطر من فقدانها مقاعدها، فلطالما كان حضور الدوحة في الاجتماعات الأخيرة شكلياً وصورياً، ولطالما كانت الدوحة بعيدة عن خط الاتفاق الخليجي والعربي لسنوات.
لذا فإن بعد هذه المقاطعة وبعد كل هذه الفضائح، كيف يمكن أن تضع الحكومة القطرية عينيها في أعين العرب، خصوصاً الدول التي تآمرت عليها، وعملت ضدها ومولت المخربين فيها، وعلى رأسها السعودية ومصر والبحرين وليبيا والإمارات واليمن، والدوحة إلى اليوم لم تصدر بياناً واحداً توضح فيه ما حدث والسبب الذي دفعها للقيام بكل ذلك، وهي في الوقت نفسه لم تنفِ أياً من الاتهامات التي وجهت إليها، وكلها اتهامات مقترنة بأدلة وإثباتات مادية، بل وحتى أن أمير قطر الشيخ تميم بن حمد «آثر الاختفاء»، ولم يكلّف نفسه عناء الظهور ليفسر ما حدث أو يبرر ما تم ضد الدول، مما يعتبر اعترافاً ضمنياً بكل التهم الموجهة إلى القيادة والحكومة القطرية، من عمل على زعزعة أمن واستقرار الدول الخليجية والعربية، وإقرار بدعم الإرهاب، وتمويل الإرهابيين، ونشر الفتنة وبث الإشاعات والرسائل الإعلامية المغرضة.
فلو كان لدى الدوحة رد على كل ما قيل طوال الأسبوعين الماضيين، لظهر الشيخ تميم ليتكلم من منطلقين، الأول هو حرصه على اللحمة الخليجية والعربية - كما يدعي بعض المسؤولين والرسميين والإعلاميين في الدوحة- والأمر الآخر لطمأنة الدول المقاطعة وإعطائها الأدلة والبراهين على أن قطر لا تعمل ضدهم، بل هي معهم بالأفعال قبل الأقوال، وهذا ما لم يحدث، بل كل ما حدث هو الهروب إلى الصمت، ولأول مرة أرى زعيم دولة توجه إليه الاتهامات ويعتبره «البعض» بطلاً؛ لأنه لا يتكلم ولا يوضح ولا يدافع عن نفسه وبلده!
سؤال أخير بسيط: كيف ستثق الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي بعد اليوم بقطر، وهي تجلس في الاجتماعات المغلقة، وتستمع إلى أدق التفاصيل والتوجهات السياسية والأمنية لدول المجلس، وهي التي تتآمر على المملكة العربية السعودية والبحرين، وفي الوقت نفسه تعتبر إيران قوة عظمى في المنطقة؟! وهل سيتكلم العرب في اجتماعات جامعتهم وهم يعرفون أن تركيا وإيران أقرب إلى قطر منهم؟
إنها ليست مسألة كرسي في المجلس أو الجامعة، إنها ببساطة، كما قال معالي الدكتور أنور قرقاش، مسألة ثقة أصبحت «صفراً» في رصيد قطر.