بقلم : محمد الحمادي
إنها ليست لعبة إعلامية ولا تسلية سياسية، ولا هي بمزحة استراتيجية «يا إخوان» في قطر، فالوضع الذي فيه دولة قطر وضع خطير جداً، ومقاطعة الدول الأربع ومعها دول عربية وإسلامية أخرى ليست مناكفة سياسية ولا تحدياً اقتصادياً، إنها معركة وجود وقضية أخلاقية لأبعد الحدود، لذا فإن التلاعب الإعلامي عن طريق قناة الجزيرة وغيرها من القنوات التلفزيونية والحسابات الرقمية لا ولن يفيد قطر، كما أن التضليل الدبلوماسي الذي تستخدمه الحكومة القطرية بتشويه الحقائق وتحوير الوقائع سرعان ما سينكشف للعالم، فقطر متهمة وبالأدلة بالتآمر على شقيقاتها وبدعم الإرهاب وبتمويل الإرهابيين، فهل هناك جرم أكبر من ذلك؟!
قلناها ونكررها للمرة المليون، انتهت اللعبة يا قطر، وإطالة أمد الأزمة ليس في مصلحة الدوحة، بل على العكس تماماً هو ضد مصالح قطر وشعبها، لذا لا بد أن تدرك الدوحة أن هذه الأزمة لن تطول كثيراً، وكما أن الدول العربية الكبرى، السعودية ومصر، قررت مقاطعة قطر فإنها قادرة على أن تتخذ قرارات كبيرة أخرى ربما لا تتوقعها الدوحة لأنها من الواضح أنها لم تستفق من هول الصدمة بعد، وعلى القيادة القطرية أن تستفيد من كلمة الشيخ حمد بن جاسم خلال مقابلته مع «سي إن إن» يوم أمس والتي قال فيها إن على السعودية أن تتعامل مع قطر على أنها شقيقتها الصغيرة، فهذه هي الحقيقة التي لا تستوعبها القيادة القطرية، وهذا الكلام هو ما كان يجب أن يوجهه بن جاسم لقيادته في الدوحة، بحيث تتعامل مع السعودية على أنها شقيقتها الكبرى، وأن مصر كذلك شقيقتها الكبرى، لذا يفترض أن تتعاون «الصغيرة» مع الدول الكبرى لا أن تتآمر عليها وتعاديها وتعمل ضدها بأجندات خفية، وتدعم المخربين والإرهابيين والخارجين عن القانون فيها، وترسل أموالاً للمعارضين والمحرضين على زعزعة الأمن فيها، هذا بالطبع لو كان حمد بن جاسم صادقاً في كلامه ولا يقول ذلك كرسالة لاستعطاف الرأي العام الأميركي والغربي.
أما التلاعب الإعلامي والذي يعتبر «حرفة» قطر التي لا ينافسها عليها أحد، فيفترض أن تتوقف عنه بعد أن أصبحت ألاعيب قطر الإعلامية مفضوحة ومكشوفة، فقناة الجزيرة تلفظ أنفاسها الأخيرة، والعاملون فيها بدأوا بالبحث عن طريقة للهروب منها والبحث عن أماكن أكثر استقراراً يعملون فيها، وفضيحة الجزيرة أمس كانت مدوية وهي تلفِق خبراً كاذباً بوجود وقفة احتجاجية أمام سفارة الإمارات في لندن، في حين كانت الصور المصاحبة للخبر هي لقطات لوقفة احتجاجية ضد رئيسة الوزراء تيريزا ماي في وقت سابق، وهذا ليس بالغريب على هذه القناة التي ساهمت في إسقاط العديد من الأنظمة فيما يسمى الربيع العربي، من خلال لقطات ملفقة وحشود مزيفة وتضخيم لأحداث وقلب الحقائق في العديد من المدن العربية، الأمر الذي أدى إلى إثارة الشعوب وتحرك الشارع في العديد من الدول، وعلى يدها سيكون سقوط النظام في الربيع القطري، فكما قالت الجزيرة في إحدى تغريداتها الغريبة منذ أيّام «يمهل ولا يهمل».