بقلم : محمد الحمادي
انتهت أمس المهلة التي منحتها الدول الأربع المقاطعة لقطر للرد على مطالبها الثلاثة عشر، وهذه كانت فرصة جديدة وربما أخيرة لقطر للعودة إلى الحضن الخليجي وإلى البيت العربي الكبير، وترك سلوكها في دعم الإرهاب وتمويل الإرهابيين وتأزيم الأوضاع في الدول العربية وشن الحملات الإعلامية عليها، لكن الدوحة لم تستغل هذه الفرصة واستمرت بالمماطلة وكأنها تملك الوقت كله! ولم تستوعب قطر حتى الساعة أنها في خليج جديد بقياداته وسياساته وقراراته وتوجهاته وأحلامه وآماله، خليج يستعيد زمام أمره ويواجه تحدياته، خليج يحترم جيرانه ويثق بأصدقائه، لكن ثقته بنفسه أكبر، واحترامه لجيرانه لا يعني السكوت على أخطائهم.
اليوم وبعد مرور شهر كامل على المقاطعة التي بدأت في الرابع من يونيو الماضي، تكون الدول الأربع قد حققت هدفها من المقاطعة، ونجحت في قلب صفحة الماضي، وفي إبعاد السياسات القطرية المؤذية عنها، وفي الوقت نفسه منعها من تقديم المزيد من الدعم للإرهاب والإرهابيين، وهذا هو المطلوب، أما موافقتها على المطالب الـ 13 أو رفضها، فهذا أمر راجع لها، فإذا أرادت قطر رفع المقاطعة فلتقبل بالمطالب، وإذا لم تقبل بها فالمقاطعة مستمرة.
من مكاسب هذه المقاطعة أن دول العالم أصبحت تضع السياسات القطرية تحت المجهر، وأصبحت تتساءل مرتين عن أي استثمار تقوم به قطر في دولها، وذلك مثلما حدث مع رغبة قطر في شراء عشرة بالمائة من أسهم شركة أميركان إيرلاينز، فطرحت التساؤلات حول مغزى هذا الطلب في هذا التوقيت، وذهب أغلب المحللين إلى أنها محاولة لشراء النفوذ، الأمر الذي جعل العرض معلقاً، فشراء النفوذ سيتوقف، وتحويل الأموال لدعم الإرهاب سيتوقف، والمال القذر سيتجمد مكانه..
والأمر المهم هو أن الإرهابيين وداعمي الإرهاب تمت محاصرتهم ومنع حركتهم في الدوحة بعد إعلان قائمة الإرهاب التي تضم 59 شخصاً و12 منظمة.
والأمر الآخر هو أن وسائل إعلام قطر المعروفة، والتي تعمل في الخفاء، لن تتمكن من الاستمرار في سياستها التحريضية والقائمة على تضخيم الأحداث في بعض الدول، وفبركة الأحداث ونشر الأكاذيب والإشاعات في دول أخرى، فالمؤسسات الإعلامية الخليجية والعربية ستكون مستعدة للرد عليها، كما أن آلاف المغردين «الحقيقيين» وليس «الوهميين» سيكونون لها بالمرصاد، فلا مزيد من التحريض أو الأكاذيب.
المراقب لأزمة قطر مع الدول الأربع سيلاحظ شيئاً في غاية الأهمية، وهو قوة وثبات سياسة ومواقف الدول الأربع منذ الساعة الأولى لقرار المقاطعة وحتى الساعة الأخيرة لفترة المهلة الممنوحة لقطر للرد على المطالب الثلاثة عشر، والعكس صحيح، فارتباك السياسة القطرية كان واضحاً، وتخبط القرارات والتصريحات القطرية كان لافتاً، وفي الوقت نفسه اختفاء الأمير تميم عن الساحة، وعدم تفاعله مع الأزمة، ما يعطي مؤشراً بحجم المشكلة التي تعانيها الدوحة، وقلة حيلتها، وعدم قدرتها على التعامل مع الأزمة.